مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٨ - الصفحة ٤٢٨
قولها والخناقون والذين يسقون الناس السيكران ليأخذوا أموالهم محاربون انتهى. ومعنى كلام المصنف أن المحارب هو من قطع الطريق على الناس ومنعهم من السلوك فيها وإن لم يقصد أخذ المال على وجه يتعذر معه الغوث، فينبغي أن يقرأ قوله أو آخذ المال بمد الهمزة وكسر الخاء على أنه اسم فاعل، وأما إذا قرئ بسكون من غير مد بصيغة المصدر فلا يكون جامعا لأنه يكون معطوفا على قوله لمنع سلوك فيقتضي أن المحارب هو من قطع الطريق لمنع السلوك أو من قطعها لاخذ المال، ويخرج منه من قاتل لاخذ المال من غير قطع الطريق، ويخرج من ذلك من دخل دارا أو زقاقا أو قاتل ليأخذ المال ومسقي السيكران ومخادع الصبي أو غيره ليأخذ ما معه، ولهذا قال ابن الحاجب: الحرابة كل فعل يقصد به أخذ المال على وجه يتعذر معه الاستغاثة عادة من رجل أو امرأة أو حر أو عبد أو مسلم أو ذمي أو مستأمن إلا أن قوله على وجه يتعذر معه الغوث أحسن من قول ابن الحاجب تتعذر معه الاستغاثة فإن المسلوب يستغيث وجد مغيثا أم لا، فهو لا تتعذر عليه الاستغاثة.
تنبيهان: الأول: ينبغي أن يؤتى في حد الحرابة بما يشعر بخروج قطع الطريق على الحربي وأخذ ماله فيقال مثلا: المحارب قاطع الطريق لمنع سلوك غير حربي أو أخذ مال محترم أو معصوم كما أشار إلى ذلك ابن عرفة وصاحب الشامل، وكأنهم سكتوا عن ذلك لوضوحه والله أعلم.
الثاني: انظر هل يشترط في المحارب التكليف؟ لم يتعرض له المصنف. وقال ابن عرفة:
الصبي إن حارب ولم يحتلم وأنبت عوقب ولم يقم عليه حد الحرابة. قال: والمجنون يعاقب لينزجر إلا أن يكون الذي به الامر الخفيف فيقام عليه الحد انتهى. وذكر مسألة الصبيان في المدونة ونصها: وأما الصبيان فلا يكونون محاربين حتى يحتلموا. وقال أبو الحسن: حتى يبلغوا.
ثم قال في المدونة عقب كلامه السابق: وإن قطعوا الطريق إلى مدينتهم التي خرجوا منها فهم محاربون. وقال أبو الحسن: هذا راجع إلى أهل الذمة لا إلى الصبيان انتهى. ص: (فيقاتل بعد
(٤٢٨)
مفاتيح البحث: يوم عرفة (2)، القتل (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 423 424 425 426 427 428 429 430 431 432 433 ... » »»
الفهرست