الثالث: لم يفهم من قول المصنف: لا إن كثر كيف يعمل في ذلك، وإنما فهم منه أنه لا يلغى، واقتصر البساطي في شرحه على ذلك وكلام الشارح يوهم أن العامل يختص بأجرة ذلك. قال في الشرح الكبير: أي فإن كثر اختص به العامل وليس كذلك، وكذلك كلامه في المدونة ليس فيه ما يدل على ذلك وقد صرح بذلك اللخمي وغيره، وأن معناه أن الأجرة بينهما وللعامل على المريض أجر عمله. قال اللخمي في تبصرته: وإذا عقد الشريكان الإجارة على عمل ثم مرض أحدهما أو غاب أو مات كان على الآخر أن يوفي بجميع ذلك العمل، وسواء كانت الشركة على أن العمل مضمون في الذمة أو على أعيانهما لأنهما على ذلك يشتركان، وعليه يدخل الذي يستأجرهما لأنهما متفاوضان فلزم أحدهما ما لزم الآخر. وإن كانت الإجارة في الصحة ثم مرض أحدهما مرضا خفيفا أو طويلا أو غاب أحدهما إلى موضع قريب أو بعيد كان على الصحيح الحاضر القيام بجميع العمل، وكذلك إذا عقد الإجارة على شئ في أول المرض ثم برأ عن قرب أو بعد أو في سفر أحدهما إلى قرب من المكان ثم رجع عن قرب أو بعد أن بعد فكل ذلك سواء، فإن على الصحيح والحاضر القيام بجميع العمل. هذا في حق الذي له العمل، وكذلك في المسمى الذي عقدا عليه هو بينهما نصفان في الوجهين جميعا. ويفترق الجواب في رجوع الذي عمل على صاحبه، فإن كان المرض الخفيف والسفر القريب لم يرجع لان العادة العفو عن مثل ذلك ولولا العادة لرجع، فإن طال المرض أو السفر رجع على صاحبه بإجارة المثل انتهى. ويكون ربح العمل بينهما. ونقله القرافي في ذخيرته وقبله، وكذلك الشيخ أبو الحسن ونحوه للرجراجي ونصه: وأما البدنية فإن كان المرض يسيرا مما الغالب فيه التسامح فالربح بينهما ولا شئ للمعافى على الموؤف، فإن كان كثيرا فهل يكون المعافى متطوعا أم لا؟ قولان: أحدهما أنه متطوع له وهو قول أشهب. والثاني لا يكون متطوعا له وهو قول ابن القاسم. فعلى قوله يكون الربح بينهما ويطالبه بأجرة عمله انتهى.
وأطلق الربح على الأجرة ويعني بالموؤف المريض والله أعلم.
الرابع: انظر هل يلغى من الكثرة يومان؟ قال البساطي: ظاهر كلامه أنه لا يلغى منه شئ انتهى. قلت: ويأتي الخلاف فيه في القولة التي بعدها.
الخامس: علم من قول اللخمي في كلامه المتقدم حيث قال: ثم مرض أحدهما أو مات أو غاب إن الموت كالغيبة والمرض، وعليه فينبغي أن يقال: إن عمل بعد موته يوما أو يومين ألغى ذلك وإن كثر لم يلغ كما تقدم.
السادس: علم أيضا من كلامه أنه لا فرق بين أن يكونا أخذا الشئ الذي يعملان فيه في الصحة أو بعد مرض أحدهما أو سفره، وهو جار على ما تقدم من أن ما أخذ أحدهما لزم شريكه عمله وضمانه والله أعلم.