يصعدون فيستقون الماء فيضيقون على الذين في أعلاها فقال الذين في أعلاها لا ندعكم تصعدون فتؤذوننا. فقال الذين في أسفلها: فإننا نثقبها من أسفلها فنستقي فإن أخذوا على أيديهم فمنعوهم نجوا جميعا وإن تركوهم غرقوا جميعا. قال الترمذي: حديث حسن صحيح انتهى. والعجب من عزوه الحديث للترمذي مع أنه في صحيح البخاري وكأنه تبع في ذلك عبد الحق في أحكامه فتأمله والله أعلم. وأما لزومها بعد العقد ففيه طريقان. قال ابن عبد السلام في شركة الأموال: المذهب لزومها بالعقد دون الشروع. واختلف في شركة الحرث هل هي كشركة الأموال وهو قوم سحنون، أو لا تلزم إلا بالعمل وهو قول ابن القاسم؟ وقال ابن عرفة: قول ابن عبد السلام: إن المذهب لزوم الشركة بالعقد دون الشروع هو مقتضى قول ابن الحاجب: يجوز التبرع بعد العقد بخلاف قول ابن رشد في سماع ابن القاسم: أنها من العقود الجائزة وهو مقتضى مفهوم السماع: أنه إن شرط ذلك بعد العقد لا يجوز، ونحوه قوله في المقدمات: هي من العقود الجائزة لكل منهما أن ينفصل عن شريكه متى شاء، ولهذه العلة لم تجز إلا على التكافؤ والاعتدال لأنه إن فضل أحدهما صاحبه فيما يخرجه فإنما يسمح في ذلك رجاء بقائه معه على الشركة فصار غررا انتهى. وقال في التوضيح: قال في المقدمات: هي من العقود الجائزة لكل واحد أن ينفصل متى شاء إلا الشركة في الزرع ففي لزومها خلاف، ونحو ذلك اللخمي. وخرج قولا بعدم لزومها لأول نصه من الشاذ في كراء المشاهرة قال: وأما إن أخرجا شيئا ليشتريا به شيئا معينا فإنه يلزم إن لم يمكن كل واحد اشتراؤه بانفراده أو أمكنه ولكن اشتراؤهما أرخص وإلا فقولان، وهما على الخلاف في شرط ما لا يفيد. وفي معين الحكام: الشركة تنعقد بالقول على المشهور من قول مالك وأصحابه، وكذلك قال ابن يونس إنها تلزم بالعقد كالبيع ولا رجوع لأحدهما فيها كالبيع بخلاف الجعل والقراض. ولعياض نحوه: والظاهر أنه لا مخالفة بينهم. ومراد ابن يونس ونحوه أنها تلزم بالعقد باعتبار الضمان أي إذا هلك شئ بعد العقد يكون ضمانه منهما خلافا لمن يقول إنها لا تنعقد إلا بالخلط انتهى.
قلت: بل الظاهر أن كلام ابن يونس وعياض وصاحب المعين وابن عبد السلام مخالف لكلام ابن رشد واللخمي، وقول ابن عرفة هو مقتضى قول ابن الحاجب: يجوز التبرع بعد العقد ظاهره أنه لم يقف عليه لغيره وقد نص على ذلك في كتاب الشركة من المدونة فقال بعد أن ذكر أنها تفسد: إذا عقداها على التفاوت في الربح أو العمل أو التساوي في ذلك مع التفاضل في رؤوس الأموال ما نصه: ولو صح عقد المتفاضلين في المال ثم تطوع الذي له الأقل