في ذلك قال فيه: إن دفع عبد إلى رجل مائة دينار وقال له: اشترني لنفسي فاشتراه لنفس العبد واستثنى ماله كان حرا، ولا رجوع لبائعه على العبد ولا على المشتري بشئ وولاؤه لبائعه. ابن رشد: مرض الأصيلي هذا الشراء بأن وكالة العبد لا تجوز إلا بإذن سيده. فعلى قياس قوله: إن لم يعلم السيد أنه اشتراه للعبد كان له رد ذلك وإن علم فلا كلام له.
قلت: كان يجري لنا الجواب عن تعقب الأصيلي بأن حجر العبد إنما هو ما دام في ملك سيده وهو ببيعه خرج عن ملكه وصح توكيله ولزم عتقه ضربة واحدة كقولها فيمن باع عبده بعد أن تزوج بغير إذنه ولم يعلم به مضى نكاحه وليس لسيده فسخه إلا أن يرجع لملكه برده مبتاعه بعيب في نكاحه انتهى. وما نقله ابن عرفة عن سماع يحيى في مسألة العتق لم أجدها فيه وإنما هي في سماع عيسى. ومسألة وكالة البكر في الخصومة في كتاب البضائع والوكالات، وما ذكره من أن البكر لا تلي ذلك يعني المخاصمة قبله ابن رشد، وهو خلاف ما ذكره صاحب معين الحكام كما تقدم. وقول ابن عرفة في جواب الأصيلي وهو بيعه خرج عن ملكه وصح توكيله ولزم عتقه ضربة واحدة فيه نظره، لان التوكيل باطل على ما يقول الأصيلي قبل انتقال الملك فلا ينتقل الملك بالشراء الواقع به، وأما إذا صح البيع وخرج عن ملك السيد فلا حاجة إذا إلى تصحيح التوكيل أو عدم تصحيحه، وفي قياسه أو تشبيهه بمسألة نكاح العبد غير ظاهر وذلك بين. ويمكن الجواب عما قال الأصيلي بأن يقال: سلمنا أن توكيله لا يجوز غاية ما فيه أنه شراء فضولي وهو جائز صحيح على المشهور، فإذا أمضاه العبد بعد ذلك ورضيه مضى وصح العتق. وفاعل استثنى من قوله: واستثنى ماله ضمير يعود على المشتري الذي دفع إليه العبد المائة. ثم قال ابن عرفة: وأما منع كون الوكيل محجورا عليه فقال اللخمي: لا يجوز توكيله لأنه تضييع للمال.
قلت: وعليه عمل أهل بلدنا وظاهر كتاب المديان جوازه فيها منه ما نصه: قلت: إن دفع إلى عبد أجنبي محجور عليه مالا يتجر به أو ليتيمم محجور عليه ثم لحقهما دين أيكون في ذمتهما؟ قال: قال مالك: يكون في المال الذي دفع إليهما وما زاد عليه فهو ساقط لا يكون في ذمتهما.
قلت: ظاهره جواز توكيلهما إلا أن يقال إنما تكلم عليه بعد الوقوع، والأول أظهر وهو الأكثر من أخذ المشايخ من مفهومات المدونة الاحكام، ويؤيده سماع أصبغ في العتق أن من قال أشهدكم إنما أعتق ابني أو أحدث رقيقي فأمره جائز وابنه سفيه، ثم باع ابنه من رقيق أبيه عشرة جاز بيعه على أبيه وإن كره إلا أن يبيع بما لا يتغابن بمثله من محاباة بينة ووكالة السفيه كغيره. ابن رشد: هذا بين لا خلاف فيه ولا إشكال، والتوكيل في الحياة بخلاف الوصية بمال ولده لا تجوز لسفيه بخلاف وصية بتنفيذ ثلثه إلى سفيه أو غير عدل ذلك جائز لان ثلثه له حيا