الرابع وهو الصيغة. قال ابن الحاجب: أو ما يقوم مقامها. ثم بين ما يقوم مقامها بقوله: ولو أن في الصلاة مطلقا ولم يخص شخصا ولا زمانا فكالصريح انتهى. وقوله: فلو أذن في الصلاة مطلقا أي أذانا مطلقا أو في الصلاة مطلقا ولم يخص به فرضا ولا نفلا. وقال في المسائل الملقوطة: ولو بنى مسجدا وأذن في الصلاة فيه فذلك كالصريح لأنه وقف وإن لم يخص زمانا ولا شخصا ولا قيد الصلاة فيه بفرض ولا نفل فلا يحتاج إلى شئ من ذلك ويحكم بوقفيته انتهى. وذكره والده في الباب السبعين من تبصرته ثم ذكر اللفظ ثم قال: ولفظ وقفت يفيد التأبيد. وقال ابن عبد السلام: يعني أنها أصرح ألفاظ الفصل ولأنها دالة على التأبيد بغير ضميمة. وعزاه في التوضيح لعبد الوهاب وغيره من العراقيين قال: وقال صاحب المقدمات وان زرقون: لفظ الوقف والحبس سواء ويدخل في لفظ وقفت من الخلاف ما يدخل في حبست انتهى. وهذا الثاني هو الذي مشى عليه المصنف خلافا لابن الحاجب لأنه قدم لفظ الحبس على لفظ الوقف، ولا بد أن يكون الشرط راجعا إلى الألفاظ الثلاثة. ثم قال ابن الحاجب: وحبست وتصدقت إن اقترن به ما يدل على التأبيد من قيد أو جهة لا تنقطع تأبد وإلا فروايتان. قال ابن عبد السلام: يعني أن لفظتي حبست وتصدقت لا يدلان على التأبيد بمجردهما بل لا بد مع ذلك من ضميمة قيد في كلام كقوله حبس لا يباع ولا يوهب وشبه ذلك من الألفاظ، أو الجمع بين اللفظتين معا كما وقع في بعض الروايات إذا قال حبسا صدقة أو ذكر لفظ التأبيد أو ضميمة جهة في الحبس لا تنقطع، ومراده عدم انحصار من يصرف إليه الحبس بأشخاص معينين كقوله: حبس على المساكين أو على المجاهدين أو طلبة العلم فإن انعدمت هذه القيود والجهات وشبهها ففي التأبيد حينئذ روايتان، وظاهر كلام المؤلف أنه لا يختلف في التأبيد إذا وجدت هذه القيود أو الجهات وذلك قريب مما قال في المدونة إذا قال حبس صدقة أو حبس لا يباع ولا يوهب. أن قول مالك لم يختلف في هذا أنه صدقة محرمة ترجع بمراجع الأحباس ولا ترجع إلى المحبس ملكا. ومع ذلك فابن عبد الحكم حكى عن مالك أنها ترجع إليه ملكا بعد موت المحبس عليه وإن قال حبس صدقة. وكذا قال ابن وهب إنها ترجع ملكا إذا حبس على معينين، ولو قال لا يباع ولا يوهب. نعم يعز وجود الخلاف بل ينتفي إذا اقترن به شئ من الجهات غير المحصورة، والمرجع في ذلك كله إلى مدلول العرف انتهى. والذي يتحصل من كلامه في التوضيح أن الراجح من المذهب إن وقفت وحبست يفيدان التأبيد سواء أطلقا أو قيدا بجهة لا تنحصر أو على معينين أو غير ذلك إلا في الصورة الآتية وهي ما إذا قال وقف أو حبس على فلان المعين حياته أو على جماعة معينين حياتهم وقيد ذلك بقوله: حياتهم فإنه يرجع بعد موتهم ملكا للواقف إن كان حيا أو لورثته إن كان ميتا. وكذلك إذا ضرب لذلك أجلا فقال حبس عشر سنين أو خمسا أو نحو ذلك كما نص عليه اللخمي والمتيطي قالا: ولا خلاف في هذين الوجهين أي إذا ضرب للوقف أجلا أو قيده بحياة شخص. وأما لفظ الصدقة
(٦٤١)