فرع: وأما الثياب فقال ابن عرفة: وفي الثياب طريقان اللخمي: في جوازها ومنعه قولان، لها ولنقل ابن العطار مع القاضي. الباجي: لابن القاسم في العتبية: لم أسمع من مالك في الثياب شيئا ولا بأس به وأجازه أشهب. فعلى جوازه يلزم لموافقته الشرع وكونه من العقود اللازمة، وعلى كراهته ففي جوازه ولزومه روايتان.
قلت: يريد بالجواز عدم اللزوم لا أحد أحكام الأقسام الخمسة وإلا لزام كون قسيم الشئ قسما منه وهو محال انتهى. ثم قال: وقول اللخمي والمتيطي الأصل في تحبيس ما سوى الأرض قوله (ص): من حبس فرسا في سبيل الله إيمانا بالله وتصديقا بوعده فإن شبعه وريه في ميزانه. أخرجه البخاري. وهو شنيع في فهمه إن ضبط باء حبس بالتخفيف وفي روايته إن ضبطها بالتشديد وفي مثل هذا كان بعض من لاقيناه يحكي عن بعض شيوخه أنه كان يقول: استدلالات بعض شيوخ مذهبنا لا ينبغي ذكرها خوف اعتقاد سامعها ولا سيما من هو من غير (أهل المذهب إن حال أهل المذهب أو جلهم مثل هذا المستدل. قال: ولقد رأيت لبعض متكلمي المتقدمين ردا على المنجمين وددت أنه لم يقله لسخافته ورأيت للآمدي ردا عليهم ليس منصفا وقف عليه انتهى.
قلت: كلامه رحمه الله يقتضي أن لفظ الرواية في البخاري حبس بتخفيف الباء على وزن نصر و الذي في البخاري في كتاب الجهاد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي (ص) من احتبس فرسا في سبيل الله إيمانا وتصديقا بوعده فكان شبعه وريه وروثه وبوله في ميزانه يوم القيامة انتهى. فلفظ البخاري احتبس على وزن افتعل وكذلك نقله المنذري في الترغيب والترهيب عن البخاري. ومقتضى كلام ابن عرفة رحمه الله أن حبس بالتخفيف ليس معناه أوقف وهو مخالف لما قاله القاضي عياض في المشارق ونصه في باب الجامع في قوله: وأما خالد فإنه احتبس أدراعه أي أوقفها في سبيل الله، واللغة الفصيحة أحبس. قاله الخطابي. ويقال: حبس مخففا وحبس مشددا انتهى. فدل كلام القاضي على أن حبس بالتخفيف بمعنى حبس بالتشديد وهو الوقف فصح ما قاله اللخمي والمتيطي.