يقولون مضاربة وكتاب المضاربة أخذوا ذلك من قوله تعالى: * (وإذا ضربتم في الأرض) * (وآخرون يضربون في الأرض) * وذلك أن الرجل في الجاهلية كان يدفع إلى الرجل ماله على الخروج به إلى الشام غيرها فيبتاع المتاع على هذا الشرط. وفي قول الصحابة لعمر رضي الله عنه في قصة عبد الله وعبيد الله: لو جعلته قراضا دليل على صحة هذه التسمية في اللغة لأنهم هم أهل اللسان وأرباب البيان، وإذا كان يحتج في اللغة بقول امرئ القيس والنابغة فالحجة بقول هؤلاء أقوى وأولى اه. وفي الذخيرة: له اسمان:
القراض والمضاربة، أما لفظ القراض فقال صاحب العين: أقرضت الرجل إذا أعطيته ليعطيك، فالمقارض يعطي الربح كما يعطي المقترض مثل المأخوذ. قال غيره: هو من المقارضة وهي المساواة ومنه تقارض الشاعران إذا تساويا في الانشاد لأنهما يستويان في الانتفاع بالربح، وقيل:
من القرض الذي هو القطع لأنك قطعت له من مالك قطعة وهو قطع له مما تحت يده أو لاشتراكهما في العقد على سبيل المجاز من باب لك جزء من الربح الحاصل بسعيه. " وسمي مقارضا مع أن المفاعل لا يكون إلا من المفاعلة التي لا تكون إلا من اثنين، إما لان كلا منهما يساوي صاحبه في الربح أو يقطع له مما تحت يده، أو لاشتراكهما في العقد على سبيل المجاز من باب التعبير بالمتعلق عن المتعلق، أو هو من الصيغ التي لا تقتضي المشاركة نحو سافر وعافاه الله وطارقت النعل إذا جعلته طاقا على طاق وأما المضاربة فهو إما أن كليهما يضرب في الربح بنصيب، وإما من الضرب في الأرض الذي هو السفر. قال ابن عطية في تفسيره: فرق بين ضرب في الأرض وضرب الأرض أن الأول للتجارة، والثاني للحج والغزو والقربات، كأنه للتجارة منغمس في الأرض ومتاعها فقيل: ضرب فيها، والمتقرب إلى الله تعالى برئ من الدنيا فلم يجعل فيها. وسمي مفاعلة على أحد التأويلات المتقدمة في المقارض، والمقارض بالكسر رب المال، وبالفتح العامل. والمضارب بالكسر العامل عكس الأول لأنه هو الذي يضرب بالمال. قال بعض اللغويين: ليس لرب المال اسم من المضاربة بخلاف القراض اه.
وفي اصطلاح الفقهاء ما قال المؤلف: توكيل الخ وعدل عن أن تكون إجارة كما قال ابن الحاجب لسلامة ما قال المؤلف من بعض ما ورد عليه. قال في التوضيح: أورد على حده أنه غير مانع وغير جامع. أما عدم منعة فلأنه لا ينعقد بلفظ الإجارة، فلو قال: أجرتك على هذا التجر في هذا المال بجزء من ربحه صدق عليه الحد وليس بقراض. وأيضا فلو أجره على التجر إلى أجل أو قارضه بعروض لم يكن قراضا صحيحا. وأما عدم جمعه فلأنه يجوز القراض على أن يكون الربح لغيرهما أو لأحدهما. وأجيب عن عدم منعه بأن حقيقة القراض ما ذكره وكونه