ابنا عمر أمير المؤمنين فأسلفكما أديا المال وربحه، فأما عبد الله فسكت، وأما عبيد الله فقال: ما ينبغي لك يا أمير المؤمنين هذا، لو هلك المال أو نقص لضمناه فقال عمر: أدياه فسكت عبد الله وراجعه عبيد الله فقال رجل من جلساء عمر: يا أمير المؤمنين لو جعلته قراضا؟ فقال عمر:
قد جعلته قراضا فأخذ عمر رأس المال ونصف ربحه وأخذ عبد الله وعبيد الله نصف الربح انتهى. قال في الذخيرة: ويقال: إن الرجل عبد الرحمن بن عوف ثم قال: سؤال أبو موسى حاكم عدل وقد تصرف بوجه المصلحة لان المال يصير مضمونا في الذمة فهو أولى من بعثه على وجه الأمانة مضافا إلى الحرام من ينبغي إكرامه، فهو تصرف جامع للمصالح فيتعين تنفيذه وعدم الاعتراض عليه. جوابه: أن عدم التعرض إنما هو بين النظراء من الامراء، أما الخليفة فله النظر في أمر نوابه وإن كان سدادا أو نقول: كان في هذا التصرف تهمة تتعلق بعمر بسبب أنه إكرام لبنيه فأراد إبطالها والذب عن عرض الإمامة بحسب الامكان انتهى. وقوله: قد تصرف فيه بوجه المصلحة لان المال يصير مضمونا في الذمة فيه نظر، لدنه لو كان الدفع لهذا القصد أو له ولغيره كان هذا هو السفاتج والمشهور من مذهب مالك أنه غير جائز، ولهذا قال الباجي في شرح هذا الأثر من الموطأ: لم يرد رضي الله إحراز المال في ذمتهما وإنما أراد منفعتهما بالسلف ومن مقتضاه ضمانهما المال، وإنما يجوز السلف لمجرد منفعة التسلف. ثم قال: وسواء كان المسلف صاحب المال أو غيره ضمن له النظر عليه من إمام أو قاض أو وصي أو أب، فلا يجوز للامام أن يسلف شيئا من مال المسلمين ليحرزه في ذمة المتسلف، وكذلك القاضي والوصي ثم قال: وفل أبي موسى هذا يحتمل وجهين: أحدهما: أن يكون فعل هذا المجرد منفعة عبد الله وعبيد الله وجاز له ذلك وإن لم يكن الامام فوض له لان المال كان بيده بمنزلة الوديعة لجماعة المسلمين فاستسلفه بإسلافهما إياه، فلو تلف المال ولم يكن عند عبد الله وعبيد الله وفاء لضمنه أبو موسى. والوجه الثاني: أن يكون لأبي موسى النظر في المال بالتثمير والاصلاح، وإذا أسلفه كان لعمر الذي هو الامام تعقب فعله فتعقبه ورده إلى القراض انتهى.
نكتة: قال في المنتقى أيضا: وقول عمر: أكل الجيش أسلفه الخ تعقب منه لفعل أبي موسى ونظر في تصحيح أفعاله وتبيين لموضع المحظور منه لأنه لا يخفى على عمر أنه لم يسلف كل أحد من الجيش وإنما أراد أن يبين لابنيه موضع المحاباة لموضعهما من أمير المؤمنين، وهذا مما كان يتورع عنه أن يخص أحد من أهل بيته أو ممن ينتمي إليه بمنفعة من مال المسلمين لمكانه منه. وقوله: أديا المال وربحه نقض منه لفعل أبي موسى وتغيير لسلفه. قال ابن دينار: وإنما كره تفضيل أبي موسى لولديه ولو لم يكن يلزمهما وهذا على قولنا: إن أبا موسى استسلف المال وأسلفهما إياه لمجرد منفعتهما وأن المال كان بيده على وجه الوديعة، وأما إذا قلنا: إنه بيده على وجه التثمير والاصلاح فإن لعمر تعقبه والتكلم فيه والنظر في ذلك لهما وللمسلمين بوجه الصواب. وقوله لولديه بعد اجتماع عبيد الله وعبد الله: أديا المال وربحه إعراض عن حجة