كتاب ابن سحنون سئل عمن ادعى دارا بيد امرأة أبيه أنها لأبيه تركها لورثته وسماهم، ثم جاء ببينة أخرى إن أباه أشهد له في صحته بنصفها صيرها إليه في حق له قبله من قبل ميراثه من أمه وذلك عند خروجه إلى الحج ثم رجع فسكنها حتى مات، فقال له الحاكم: قد ادعيتها أولا ميراثا والآن لنفسك، فقال: لم أعلم بهذه البينة الأخيرة. فقال سحنون: لا يقبل منه لأنه كذب بينته بدعواه الأولى، انتهى فتأمل ذلك مع ما تقدم والله أعلم. ص: (وأخرت لحمل لا دين وفي الوصية قولان) ش: يعني أن القسمة تؤخر إذا كان في الورثة حمل، ولا تقسم التركة حتى يوضع الحمل وإن قال له الورثة: نحن نجعل الحمل ذكرا ونعزل له ميراثه، قال ابن رشد:
باتفاق. وأما قضاء الدين فلا يؤخر ويؤدى باتفاق، وفي إنفاذ الوصية قولان. هكذا حصل ابن رشد في شرح المسألة الثالثة من سماع أشهب من كتاب القسمة، وذكر فيه عن ابن أيمن أن الدين يؤخر أيضا واعترضه وقال: إنه من الغلط الذي لا يعد خلافا ولا حجة له. قال ابن عرفة في تغليطه ابن أيمن: وقوله: لا حجة فيه له نظر بل هو الأظهر وبه العمل عندنا ودليله من وجهين: الأول: أن الدين لا يجوز قضاؤه إلا بحكم قاض وحكمه يتوقف على ثبوت موت المديان وعدد ورثته، ولا يتصور عدد ورثته إلا بوضع الحمل، فالحكم متوقف عليه، وقضاء الدين متوقف على الحكم، والمتوقف على متوقف على أمر متوقف على ذلك الامر. الثاني: أن حكم الحاكم متوقف على الاعذار لكل الورثة والحمل من جملتهم، ولا يتقرر الاعذار في جهته إلا بوصي ومقدم وكلاهما يستحيل قبل وضعه فتأمله. انتهى من آخر كتاب الفرائض من مختصره وذكرها هناك تبعا لابن الحاجب.
قلت: ما استدل به لابن أيمن مبني على أنه لا يكفي في الحكم بالحمل ثبوت عدد الورثة الموجودين والحمل وأنه لا يكون للحمل وصي ولا ولي. وابن رشد: لا يسلم ذلك وهو الظاهر، وقد صرح في رسم مرض من سماع ابن القاسم من كتاب الدعوى والصلح بأن للناظر للحمل أن يصالح الزوجة على ميراثها إذا لم يكن فيه غرر كأن يترك زوجة حاملا وبنين