مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٧ - الصفحة ٢٢٩
الشئ وإقرارا به على قولين مشهورين في المذهب منصوص عليهما لابن القاسم في غير ما موضع من كتابه: أحدهما: أنه إذن. والثاني: أنه ليس بإذن وهو قول أبي القاسم أيضا في سماع عيسى من كتاب الدعوى والصلح، وفي سماع أصبغ من كتاب المدبر. وأظهر القولين أنه ليس بإذن لان في قول النبي (ص): والبكر تستأذن في نفسها وإذنها صماتها دليلا على أن غير البكر بخلاف البكر في الصمت، وقد أجمعوا على ذلك في النكاح فوجب أن يقاس ما عداه عليه إلا ما يعلم بمستقر العادة أن أحدا لا يسكت عليه إلا برضا منه فلا يختلف في أن السكوت عليه إقرار كالذي يرى حمل امرأته فيسكت ولا ينكره ثم ينكره بعد ذلك وما أشبه ذلك. وقد مضى هذا المعنى في رسم أسلم من سماع عيسى من كتاب النكاح وفي غير ما موضع من كتابنا هذا انتهى.
ونقل ابن سلمون في وثائقه في باب الاقرار كلام ابن رشد هذا، وذكر قبله مسألة من له دين على ميت وقسمت تركته بحضرته ولم يتكلم أن ذلك مسقط لحقه، وتقدم كلامه في كتاب التفليس عند قول المصنف: وإن ظهر دين وكلام ابن رشد في نوازل عيسى وكلام ابن فرحون والمتيطي : زاد ابن فرحون إثر كلامه المتقدم في باب التفليس مسألة: قال ابن القاسم فيمن سئل عند موته هل لاحد عندك شئ؟ فقال: لا قيل له: ولا لامرأتك والمرأة ساكتة ولم تتكلم وهي تسمع فإنها تحلف أن حقها عليه يريد إلى الآن وتأخذه إن قامت لها به بينة ولا يضرها سكوتها من المذهب لابن راشد. ثم ذكر مسألة العتبية المذكورة هنا ولم ينقل كلام ابن رشد عليها ثم قال.
فرع: وقال ابن القاسم فيمن قال لرجل فلان الساكن في منزلك لم أسكنته؟ فقال: أسكنته بالكراء والساكن يسمع ولا ينكر ولا يغير، ثم ادعى أن المنزل له فقال: لا يقطع سكوته دعواه إن أقام البينة أن المنزل له، ولا يحلف لأنه يقول ظننت أنه يداعبه انتهى. ونقل ذلك ابن سلمون أيضا إثر كلامه المتقدم في باب التفليس وزاد بعده: وكتب شجرة إلى سحنون: رجل أوصى بعتق أمته وهي حاضرة ساكتة تسمع ولا تدعي الحرية، فلما مات الموصي قالت: إنها حرة فلا يصرها سكوتها انتهى. وذكر البرزلي في أوائل القسمة عن التونسي أنه إذا قسم بعض العقار وترك بعضه فلم يتكلم من له دين على ميت حين القسمة ثم تكلم بعد ذلك واعتذر بأنه إنما ترك الكلام لان بقية الربع لم يقسم أنه يقبل منه ذلك انتهى.
مسألة: قال ابن سهل في أحكامه في مسائل الاقرار: إذا دفع وديعة لرسول بغير بينة ثم جاء ربها فأعلمه بذلك فسكت ثم طالبه، فإنه يحلف ما أمر فلانا بقبضه وما كان سكوته رضا بقبضه ثم يغرمه، ولو علم بذلك فقال للدافع كلم فلانا القابض يحتال لي في المال كان رضا بقبضه فليطلبه به والدافع برئ انتهى. وقال في النوادر في أواخر كتاب الوديعة في ترجمة المودع يأتيه من يذكر أن ربها أمره بأخذها فيدفعها إليه. قال محمد بن عبدوس في الذي قال للمودع بعثني ربها لآخذها منك فدفعها إليه، ثم اجتمع مع ربها فذكر له ذلك فسكت ثم طالبه بعد ذلك قال:
يحلف أنه ما أمر فلانا بقبضها وما كان سكوته رضا بقبضه ثم يغرمه، ولو أن رب المال علم بقبض
(٢٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 224 225 226 227 228 229 230 231 232 233 234 ... » »»
الفهرست