يجعل ذلك كسكة نافذة لممر الناس يدخلون من باب داره ويخرجون كالزقاق فليس ذلك له انتهى. قال أبو الحسن: قوله فللشريك منعه لشركته معه في موضع الفتح مفهومه لو لم يكن معه فيه شريك لكان له أن يفتح. قال محمد: لو فتح في حائط نفسه ليدخل منه في دار الشركة لم أر به بأسا وكان ذلك له انتهى. ونقل ابن يونس أيضا كلام محمد وقبله. وقال أبو إسحاق بعد أن ذكر كلام محمد: في هذا نظر، لأنه يحدث على دار الشركة بابا من داره فقد يطول الامر فيظن أن فتح الباب حق على دار الشركة وذلك يحط من ثمنها إذا كان عليها حق فتح باب من دار أخرى انتهى.
قلت: ما قاله أبو إسحاق ظاهر لا شك فيه، والظاهر إبقاء كلام المدونة على إطلاقه وأنه ليس له أن يفتح بابا لشركته معه في موضع الفتح من الأرض ولو كان الجدار له فتأمله والله أعلم. ثم قال أبو الحسن: قوله وقسمت الدار بالقيمة فحيث وقع سهمه أخذه زاد ابن يونس:
فإن وقع بجنب داره فتح فيه بابا إن شاء. ثم قال أبو الحسن: قوله فاشترى أحد النصيبين رجل يلاصق داره فذلك له إن أراد ارتفاقا قال أبو إسحاق: ما لم يغلق باب الدار الأخرى فلا يكون له ذلك انتهى.
قلت: لفظ أبي إسحاق إنما أراد به إذا أحدث بابا يخرج منه إلى باب داره فقد خفف عن صاحب النصيب الآخر بعض المرور لأنه قد كان له سكنى النصيب الذي صار له بالقسمة بأهله ثم يمر منه على نصيب صاحبه فصار يمر عليه تارة وتارة يخرج من باب داره فذلك أخف على صاحبه، وأما لو عطل الخروج من باب داره وجعل عياله وحشمه الذين في الدارين جميعا يمرون من هذا الباب الذي على شريكه لكان لشريكه في ذلك متكلم لان ضرر عيال دار واحدة ليس مثل ضرر دارين إذا قطع الممر من باب داره ويصير شبيها بما منع منه من السكة النافذة انتهى. وما قاله ظاهر.
الثالث عشر: فيمن في أرضه طريق فأراد أن يحولها إلى موضع منها أرفق به وبأهل الطريق فليس له ذلك. قال في الواضحة في كتاب القضاء في ترجمة القضاء في الطريق يشق أرض رجل: سئل ابن القاسم عن رجل يكون له الأرض البيضاء والطريق يشقها فأراد أن يحول الطريق عن موضعه إلى موضع آخر من أرضه هو أرفق به وبأهل الطريق فقال: ليس ذلك له ولا لاحد أن يحول طريقا عن موضعها إلى ما هو دونها ولا إلى ما فوقها وإن كان مثل الطريق الأول في السهولة وأسهل منه وإن أضر ذلك به، لأنه على ذلك اشترى أو ورث أو وهب له، وإن رضي له بذلك من جاوره من أهل القرى إذا كان ذلك طريق عامة لان ذلك حق لجميع المسلمين فلا يجوز فيه إذن بعضهم إلا أن يكون ذلك طريق قوم بأعيانهم فيأذنون له فيجوز ذلك. وقال لي ابن الماجشون: أرى أن يرفع أمر تلك الطريق إلى الامام فيكشف عن حالها،