عتاب أنه إذا باع بعد علمه به أي بالاحداث فهو رضا منه ولا كلام للمبتاع ولا له وروى ذلك ابن حبيب عن مطرف وابن الماجشون وأصبغ ثم ذكر بقية ما في التوضيح ثم قال: في معين الحكام: وفي العتبية ما يدل على أن للمبتاع القيام. وفي المتيطية: وقال في مسائل حبيب بن نصران: كان البائع لم يبين للمبتاع ذلك فهو عيب يوجب الرد إن كان من العيوب الموجبة للرد، وليس للبائع القيام على محدث الضرر، وإن لم يطلع البائع على الضرر حتى باع ورد عليه بالعيب وجب للبائع القيام.
قال المتيطي: ويتحصل في المسألة ثلاثة أقوال: أحدها أن بيعه بعد العلم رضا بترك القيام. والثاني أنه ليس برضا وأن للمبتاع القيام بما كان للبائع القيام به. والثالث أنه ليس برضا من البائع ولا قيام من المشتري إلا أن له الرد على البائع بالعيب إن لم يعلم به، فإن رد عليه فللبائع القيام انتهى. وقال ابن رشد في رسم الأقضية من سماع أشهب من كتاب الأقضية في مسألة من ترك أرضا براحا فاقتسمها الورثة ثم باعوها من غيرهم فأقامت بيد المشتري نحو أمن أربعين سنة أو أكثر، ثم إن بعضهم باع حظه من شخص وعليه في حظه مجرى ماء، فأراد المشتري أن يمنع من له مرور الماء في تلك الأرض أو يمر به عليه فقال مالك: أرى أن يدعوهم القاضي بأصل قسم ما قسموا عليه فإن أتوا به حملهم عليه، وإن لم يكن إلا ما هم عليه أقروا على ذلك، وما أرى شيئا الآن أمثل من أن يقروا على حالهم إذا لم يكن قسمهم معروفا. قال ابن رشد: قوله أرى أن يدعوهم القاضي بأصل قسم ما قسموا عليه فإن أثوابه حملهم عليه يريد إن كان في أصل ما اقتسموا عليه مرور الماء على البائع لزمه ولم يكن للمشتري في ذلك كلام إلا أن يكون لم يعلم بذلك فيكون عيبا فيما اشترى إن شاء أن يمسك وإن شاء أن يرد به. وإن لم يكن في أصل ما اقتسموا عليه أن يمر الماء عليه لم يلزمه ذلك، وكان للمشتري أن يمنع منه. فلم ير في هذه الرواية مرور الماء على البائع في أرضه أربعين سنة حيازة عليه، وهذا على القول بأن الضرر لا يحاز. ولم يعجل بيعه للأرض رضا منه بترك القيام على المار بمائه فيها، وذلك خلاف ما حكى ابن حبيب في الواضحة عن مطرف وابن الماجشون وأصبغ في أن من أحدث عليه ضرر فلم يتكلم فيه حتى باع لزم المشتري ولم يكن له فيه قيام وأحل المشتري محل البائع في القيام عليه بما كان للبائع أن يقوم به عليه إذ قال إن القاضي ينظر له بما كان ينظر به للبائع بأن يدعو بأصل القسم فيحملهم عليه. ويدخل في هذا اختلاف بالمعنى لأنه إذا لم يجعل بيعه رضا بترك القيام فهو بمنزلة إذا باع ولم يعلم بما أحدث عليه أو باع بعد أن علم في حال الخصام قبل أن يقضي له. وقد قال في كتاب النكاح الأول من المدونة في الذي يتزوج عبده بغير إذنه فيبيعه قبل أن يعلم أن المشتري بالخيار بين أن يمسك أو يرد، فلا يكون له من الخيار في التفرقة ما كان للبائع. وحكى ابن حبيب عن مطرف وابن الماجشون وأصبغ أنه إذا باع في حال الطلب والخصام قبل أن يتم له القضاء أن المشتري يتنزل منزلة البائع