الثالث: قال ابن فرحون في شرح ابن الحاجب: هذا إذا لم يكن الطائف صلى تلك الصلاة، أما لو صلى في بيته ثم أتى المسجد فدخل الطواف فقال ابن الماجشون: له أن لا يقطع ويعتد بصلاته التي في بيته. حكاه ابن حبيب في مختصر الواضحة عنه انتهى. قلت:
ليس كلامه في مختصر الواضحة صريحا فيما ذكره فإنه لما ذكر مسألة من أقيمت عليه الصلاة وهو في الطواف قال: يقطع ولم يذكر هذا التقييد. ثم قال في ترجمة غائب الطواف واستلام الركن ما نصه: وسألته عمن صلى العصر في بيته بمكة ثم جاء المسجد فطاف وذلك قبل أن يصلي الامام تلك الصلاة. فقال: لا يركع الركعتين حتى تغرب الشمس. قلت: لم وهو يصلي مع الامام؟ قال: ألا ترى أنه لو شاء ترك الامام وكانت صلاته هي التي صلى في بيته انتهى. قلت: فقوله إن شاء ترك الامام يعني قبل أن تقام الصلاة، وأما إذا أقيمت عليه الصلاة فإنه يجب عليه أن يصليها مع الامام كما تقدم ذلك في باب صلاة الجماعة، فالظاهر أنه لا فرق في وجوب القطع بين أن يكون صلى تلك الصلاة أو لم يكن صلاها فتأمله والله أعلم.
الرابع: قال ابن فرحون في مناسكه: إذا تقرر أنه يقطع إذا أقيمت عليه الفريضة، فهل يقطع إذا أقيمت صلاة أحد الأئمة الأربعة أو المعتبر إمام المقام؟ فالجواب أن ذلك مبني على أصل وهو هل هذه المقامات كمساجد مستقلة بأئمة راتبين، أو الامام الراتب هو إمام المقام وهو الأول وما عداه كجماعة بعد جماعة في مسجد، أو إمام راتب، فعلى الأول يقطع الطواف إذا أقيمت عليه الصلاة أحدهم، وعلى الثاني لا يقطع لغير صلاة الأول ويكون الثاني أو الثالث والرابع كرجل واحد صلى بجماعة في المسجد بعد صلاة الامام فيجب قطع الطواف لأجله، ثم ذكر فتوى جماعة من شيوخ المذهب بأن صلاتهم جائزة لا كراهة فيها إذ مقاماتهم كمساجد متعددة لأمر الامام بذلك وأن غيرهم خالف في ذلك. وقال: إن الامام الراتب هو إمام المقام ولا أثر لأمر الخليفة في رفع الكراهة، وقد ذكرنا في باب صلاة الجماعة كلامهم وكلام المخالف في ذلك وهو الشيخ أبو القاسم بن الحباب، وبينا أن الحق في ذلك هو ما ذكره المخالف. فإذا علم ذلك فلا يقطع لإقامة صلاة الامام الأول الذي هو الراتب على أن في تصوير القطع لغير الامام الأول بعدا لأن صلاة الأئمة الأربعة متصلة بعضها ببعض إلا أن يفرض أنه حصل فصل بين صلاتهم حتى شرع شخص في طواف وطاف بعده في ذلك الفصل. وأما من صلى مع الامام الأول فلا يمكن أن يقال إنه ينتظر صلاة بقية الأئمة حتى يفرغوا لأنه عند من يقول تجوز صلاتهم كأنهم أئمة في مساجد متعددة، فلا يقال لمن صلى مع إمام لا تتنفل ولا تطوف حتى يفرغ بقية الأئمة والله سبحانه أعلم.
الخامس: إذا دخل الخطيب يوم الجمعة المسجد الحرام فالظاهر أنه لا يجوز لاحد حينئذ أن يشرع في طواف لا واجب ولا تطوع. قال سند في القادم إذا دخل المسجد الحرام بدأ