مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٤ - الصفحة ٥٢٢
عمرة، فأما الحج فلا يخلو من أن يحنث قبل أشهر الحج أو في أشهره، فإن حنث قبلها، فأما في قوله: أنا أحرم فلا خلاف أعلمه في المذهب أنه لا يكون محرما بنفس الحنث، وإنما يكون محرما إذا دخلت عليه أشهر الحج لأن أشهر الحج وقت الاحرام وقبلها لا يجوز، فإذا حنث قبل أشهر الحج أخر حتى تدخل إلا أن تكون له نية فيكون محرما يوم حنث كما قال في الكتاب. غير أنه ينظر، فإن كان إذا أخر الخروج إلى أشهر الحج لم يصل ولم يدرك الحج فينبغي له أن يخرج بغير إحرام، فإذا دخلت أشهر الحج في طريقه أحرم فإن حنث في أشهر الحج فإن الاحرام لم يلزمه ويكلف الخروج ليوفي بعهدة يمينه.
وأما قوله: فأنا محرم هل هو مثل قوله: فأنا أحرم والمذهب على ثلاثة أقوال: أحدها: أن قوله: فأنا محرم كقوله: فأنا أحرم فلا يكون محرما بنفس الحنث وهو قول ابن القاسم في كتاب النذور. والثاني: أنه يكون محرما بنفس الحنث في أنا محرم وفي أنا أحرم وهو قول سحنون. والثالث الفرق بينهما. وأما العمرة يحنث الحالف بها فلا يخلو من أن يكون يمكنه الخروج أو لا. فإن أمكنه الخروج ووجد الأصحاب فلا خلاف أعلمه في المذهب أنه يؤمر بالخروج ولا يجوز له التأخير إلا متأولا، فإن لم يمكنه فهل يلزمه الاحرام مع الانتظار وهو قول سحنون، أو لا يلزمه الاحرام إلا مع المشي وهو قول مالك في الكتاب؟ انتهى. وفي كلامه تعارض لأنه حكى أولا أنه لا يلزمه الاحرام في أنا أحرم بنفس الحنث بلا خلاف، ثم ذكر أنه يلزمه الحنث في قول سحنون، وما ذكره أولا هو الصواب الموافق لما نقله غير واحد أبو الحسن وابن محرز وأبو عمران وابن رشد وغيرهم كما تقدم في كلام أبي الحسن وكلام صاحب التوضيح. وقوله وإنما يكون محرما إذا دخلت أشهر الحج يعني يؤمر بالاحرام إذا دخلت أشهر الحج لا أنه لا يكون محرما بنفس دخولها إذ لا قائل به. وقوله فيما إذا كان لا يصل إذا خرج في أشهر الحج أنه يحرم ويؤخر الاحرام إلى دخول أشهر الحج هو قول القابسي خلافا لما قاله أبو محمد واختاره ابن يونس ومشى عليه المصنف.
قال في التوضيح: إذا قال: إن كلمت فلانا فأنا محرم بحج أو عمرة، فإن نوى تقديما أو تأخيرا وصرح بذلك لم يلزمه إلا ما نوى أو صرح به انتهى. فعلم من كلام التوضيح المتقدم وكلامه هنا وكلام الرجراجي وأبي الحسن وابن عرفة أن معنى قول المصنف: وعجل الاحرام في أنا محرم أو أنا أحرم إن قيد بيوم كذا أن من نذر الاحرام أو حلف به في يمين فحنث فإن قيده بيوم يريد بلفظ أو نية فإنه يجب عليه أن يعجله في ذلك اليوم الذي سماه أو نواه، سواء كان بحج أو عمرة. وفهم من كلامه أعني من قوله: وعجل أنه لا يكون محرما بنفس الحنث في قوله: أنا محرم كما هو في قول مالك وابن القاسم خلافا لسحنون. ثم لما فرغ من القسم المقيد ذكر المطلق وبدأ بالعمرة فقال: كالعمرة مطلقا. ويعني أن من نذر الاحرام بعمرة مطلقا أي غير مقيد ذلك بزمن معين لا بلفظ ولا بنية كمن قيدها، فيجب عليه أن
(٥٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 517 518 519 520 521 522 523 524 525 526 527 ... » »»
الفهرست