قول ابن الحاجب بخلاف المورد والممشق لا غير على المشهور على أن مراده أن المورد والممشق يجوز الاحرام فيهما ولا يلحق بهما غيرهما من الألوان على المشهور، بل الاحرام فيما عداهما مكروه، ولان المستحب أن يحرم في البياض فقال: ليست تمشيته بجيدة لأنه لا يختلف في جواز المصبوغ بالمدر على ما نقل ابن عبد البر، ولا يكره الاحرام في غيرهما كما نص عليه ابن الجلاب واللخمي وغيرهما انتهى. ولفظ ابن الجلاب: ولا بأس أن يلبس الثياب السود والكحليات والدكن والخضر. وتقدم لفظ اللخمي. وقوله: لا يختلف في جواز المصبوغ بالمدر يريد في حق من لا يقتدى به كما تقدم في كلامه.
وقال ابن عبد السلام: المذهب جواز المورد والممشق مع كراهته لمن يقتدى به انتهى. وقوله في التوضيح: ولا يكره الاحرام في غيرهما يريد وإن كان خلاف الأفضل لأن الأفضل البياض كما تقدم وبهذا يقيد قوله في المدونة: ولا بأس بالمورد والممشق. فيقال يريد في حق من لا يقتدى به ويقيد قوله ولا بأس بالاحرام في جميع الألوان الخ. فيقال: يريد أن ذلك جائز وإن كان خلاف الأولى لأن البياض أفضل والله أعلم. وظاهر كلام التلمساني أن المصبوغ يكره لبسه للمقتدى به مطلقا، سواء أشبه لونه لون المصبوغ بالطيب أو لم يشبه فإنه قال: الجائز من المصبوغ ما لا يكون صباغه من ناحية الطيب كالأخضر والأزرق وما أشبه ذلك فيجوز للعامة ويكره لمن يقتدى به انتهى. ونحوه للقرافي في شرح الجلاب. فتحصل من هذا أن البياض أفضل من كل شئ، وأن المصبوغ بغير طيب ولا يشبه لون صبغه لون المصبوغ بالطيب جائز لمن يقتدى به من غير كراهة لكنه خلاف الأولى إلا على ظاهر كلام التلمساني المتقدم والقرافي، وأن المصبوغ بغير طيب ولكنه يشبه لون صبغه لون المصبوغ بالطيب، والمصبوغ بالطيب إذا غسل حتى ذهب منه ريح الطيب وبقي لونه يكره لمن يقتدى به ويجوز لغير من يقتدى به، وأن المصبوغ بالطيب حرام، فإذا علم ذلك فتعين تقييد كلام المصنف بما قيدناه به، وأن المراد بقوله مصبوغ المصبوغ بغير طيب إذا كان لون صباغه يشبه لون المصبوغ بغير الطيب، وكان المصنف استغنى عن التقييد بغير الطيب بما سيذكره من أن استعمال الطيب في الاحرام حرام واستعمال الثوب المطيب كاستعمال الطيب، واستغنى عن التقييد بكون لون صباغه يشبه لون المصبوغ بالطيب فإن ذلك يفهم من التفريق بين من يقتدى به ومن لا يقتدى به. فإن قيل: لم لا يحمل كلام المصنف على عمومه من كراهة المصبوغ مطلقا لأنه خلاف الأولى لأن الأفضل البياض وخلاف الأولى لا بدفيه من كراهة. قلت: يمنع من ذلك تقييده الكراهة بمن يقتدي به إلا أنه موافق لظاهر كلام التلمساني والقرافي. فحاصله أن الاحرام في غير البياض خلاف المستحب في حق كل أحد فتأمله والله أعلم.
الثالث: قال ابن الحاج: وجميع الألوان واسع قال في التوضيح: يعني بالتوسعة الإباحة والمذهب استحباب البياض انتهى. هكذا في النسخ التي وقفت عليها من التوضيح، والظاهر أنه سقطت منه لفظة: لا من أوله ليوافق قوله بعده: والمذهب استحباب البياض ويوافق كلام ابن