الهدي مع العمرة وهو ظاهر، لأن من وطئ قبل التحلل الثاني وجب عليه الهدي كما سيأتي في فصل ممنوعات الاحرام، فإن أخرطوا فهو يعيد إلى المحرم فهل عليه هدي واحد أو هديان؟
قال في الطراز: يختلف فيه، ففي الموازية قال أشهب: يهدي هديين في عمرته هديا للوطئ وهديا للتفرقة، وابن القاسم يرى في ذلك هديا. والأول أقيس لأنهما هديان وجبا بسببين:
أحدهما الوقت فيجب إيقاع أركان الحج في أشهره فإن أخر شيئا عن زمانه وجب عليه الجبر لخلل ما ترك، والجبر في الحج إنما هو الدم. ورأي ابن القاسم أن ذلك يرجع لصفة من صفات السعي والطواف فكان خفيفا كترك الهرولة وشبه ذلك بالعمرة والدم يفي بذلك كله انتهى.
وأما إذا لم يصب النساء فقد تقدم عن الموازية أن عليه الهدي إلا أن يذكر ذلك وهو بمكة بعد فراغه من حجه يريد قبل دخول المحرم وهو ظاهر. وقال في الطراز: لو لم يكن عليه فساد يعني للوطئ، هل يستحب له الهدي؟ ويختلف فيه ففي الموازية لمالك: من جهل فلم يسع حتى رجع إلى بلده فليرجع متى ما ذكر على ما بقي من إحرامه حتى يطوف ويسعى. وقال في رواية ابن وهب: وأحب إلي أن يهدي بخلاف رواية ابن القاسم. والأحسن فيه أن يراعى الوقت، فإن رجع قبل خروج أشهر الحج فهو خفيف كما لو أخر الطواف والسعي إلى ذلك، وإن خرج الوقت فعليه الدم لفوات الوقت انتهى. قلت: والذي قاله ظاهر وهو الذي يفهم من كلام ابن المواز الذي نقله ابن يونس وعبد الحق فيعتمد عليه، وما ذكره صاحب الطراز عن الموازية يحمل على ما إذا لم يطل الزمن ولم يدخل المحرم وإلا فهو بعيد.
الخامس: قال الشارح في الكبير: قوله واعتمر يعني إذا رجع حلالا فلا بد من دخوله مكة بعمرة وقد تقدم ذلك في كلامه في المدونة انتهى. وقال في الوسط والصغير: أي إذا رجع مكة فلا يدخلها إلا بعمرة. وقاله في المدونة انتهى. قلت: ليس هذا الذي ذكره الشارح معنى كلام المصنف ولا معنى كلامه في المدونة كما تقدم بيانه بل هو في نفسه متناقض فتأمله.