إعانة الطالبين - البكري الدمياطي - ج ٤ - الصفحة ٣٤٨
إنما يشهد عند من ذكر بعد تحقق الوجوب، وما إذا بين الأصل سبب الوجوب، كأن قال أشهد أن لفلان على فلان كذا من ثمن مبيع أو قرض، فلمن سمعه أيضا أن يتحمل الشهادة عنه وإن لم يسترعه أيضا، لانتفاء احتمال الوعد في التساهل مع الاسناد إلى السبب. وقد صرح بما ذكرته في متن المنهاج ونص عبارته مع التحفة: وتحملها الذي يعتد به إنما يحصل بأحد ثلاثة أمور: إما بأن يسترعيه الأصل فيقول أنا شاهد بكذا، فلا يكفي أنا عالم ونحوه، وأشهدك، أو أشهدتك، أو اشهد على شهادتي، أو بأن يسمعه يشهد بما يريد أن يتحمله عنه عند قاض أو محكم، قال البلقيني: أو نحو أمير. أو بأن يبين السبب كأن يقول ولو عند غير حاكم: أشهد أن لفلان على فلان ألفا من ثمن مبيع أو غيره، لان إسناده للسبب يمنع احتمال التساهل فلم يحتج لاذنه أيضا. اه‍. بحذف. (قوله: أي التماسه) تفسير للاسترعاء، وأشار به إلى أن السين والتاء في استرعائه للطلب. (وقوله: منه) أي من مريد تحمل الشهادة عنه، وهو الفرع. (قوله: رعاية شهادته) أي تحفظها، وهو مفعول استرعاء. (وقوله: وضبطها) العطف للتفسير. (قوله: حتى يؤديها) أي الفرع. (وقوله: عنه) أي عن الأصل. (قوله: لان الشهادة الخ) تعليل لاشتراط الاسترعاء: أي وإنما اشترط لان الشهادة على الشهادة نيابة: أي فالفرع نائب عن الأصل فيها. (قوله: فاعتبر فيها) أي في الشهادة على الشهادة لكونها نيابة. (وقوله: إذن المنوب عنه) أي وهو الأصل. (قوله: أو ما يقوم مقامه) أي الاذن مما ذكرته لك عند قوله وباسترعائه. (قوله: فيقول) أي المسترعي الذي هو الأصل، وهو بيان لصفة الاسترعاء. (قوله: فلا يكفي أنا عالم به) أي كما لا يكفي ذلك في أداء الشهادة عند القاضي، لما تقدم أنه يتعين على المؤدي حروف الشهادة. (قوله: وأشهدك أو أشهدتك أو اشهد) أتى بأفعال ثلاثة:
الأول مضارع، والثاني ماض، والثالث أمر، إشارة إلى أنه يجوز التعبير بأي واحد منها. (وقوله: على شهادتي) متعلق بالافعال الثلاثة، ومثل ذلك ما لو قاله: إذا استشهدت على شهادتي بكذا، فقد أذنت لك أن تشهد.
تنبيه: لو استرعى الأصل شخصا معينا للشهادة، يجوز لمن سمعه الشهادة على شهادته، وإن لم يسترعه هو بخصوصه، كما صرح به في التحفة.
(قوله: فلو أهمل الأصل لفظ الشهادة) أي لم يعبر به، بل عبر بمرادفه كأعلمك أو أخبرك، وهذا تفريع على إيثاره التعبير في الافعال الثلاثة بحروف الشهادة. (قوله: فلا يكفي) أي في التحمل، وهذا جواب لو. (قوله: كما لا يكفي ذلك) أي قوله أخبرك أو أعلمك. (قوله: ولا يكفي في التحمل) أي للشهادة. (وقوله: سماع قوله الخ) أي سماع شخص يريد التحمل. قول شخص آخر لفلان على فلان كذا الخ. أي ونحو ذلك من صور الشهادة التي في معرض الاخبار، كأشهد بأن لفلان على فلان كذا، وإنما لم يكف سماع هذه الألفاظ لأنه مع كونه لم يأت في بعضها بلفظ الشهادة، قد يريد أن لفلان على فلان ذلك من جهة وعد وعده إياه، ويشير بكلمة على الخ. إلى أن مكارم الأخلاق تقتضي الوفاء، وقد يتساهل بإطلاق لفظ الشهادة لغرض صحيح كحمله على الاعطاء، أو فاسد كأن كان غرضه شهادة الفرع على أصله، فإذا آل الامر إلى الشهادة تأخر عنها. أفاده في شرح المنهج. (قوله: وبتبيين فرع) معطوف أيضا على تعسر، فالأولى حذف الباء كما تقدم. وعبارة المنهاج: وليبين الفرع عند الأداء جهة التحمل، فإن لم يبين ووثق القاضي بعلمه فلا بأس. اه‍. (وقوله: جهة تحمل) أي طريقه، وهو أحد الأمور الثلاثة المتقدمة، وهي الاسترعاء، أو سماعه يشهد عند حاكم، أو سماعه يبين سبب الشهادة. (قوله: كأشهد الخ) أي كقول الفرع: أشهد بصيغة المضارع أن فلانا
(٣٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 343 344 345 346 347 348 349 350 351 352 353 ... » »»
الفهرست