إعانة الطالبين - البكري الدمياطي - ج ٤ - الصفحة ٢١٩
ثروة وشوكة ووجاهة. (وقوله: لحديث الخ) تعليل لكراهة التقبيل لنحو غني. (وقوله: من تواضع) أي من أظهر التواضع، سواء كان بتقبيل أو قيام، أو غير ذلك. (قوله: ويندب ذلك) أي التقبيل: قال الامام النووي في الأذكار: إذا أراد تقبيل غيره، إن كان ذلك لزهده وصلاحه، أو علمه، أو شرفه، وصيانته، أو نحو ذلك من الأمور الدينية لم يكره، بل يستحب. وإن كان لغناه ودنياه وثروته وشوكته ووجاهته عند أهل الدنيا ونحو ذلك، فهو مكروه شديد الكراهة. وقال المتولي من أصحابنا: لا يجوز، فأشار إلى أنه حرام. روينا في سنن أبي داود عن زارع رضي الله عنه - وكان في وفد عبد القيس - قال فجعلنا نتبادر من رواحلنا فنقبل يد النبي (ص) ورجله، ثم قال: وأما تقبيل الرجل خد ولده الصغير وأخيه، وقبلة غير خده من أطرافه ونحوها على وجه الشفقة والرحمة واللطف ومحبة القرابة فسنة، وكذلك قبلته ولد صديقه وغيره من صغار الأطفال على هذا الوجه، وأما التقبيل بالشهوة فحرام بالاتفاق، وسواء في ذلك الوالد وغيره، بل النظر إليه بالشهوة حرام اتفاقا: على القريب والأجنبي. اه‍. (قوله: ويسن القيام لمن فيه فضيلة ظاهرة) أي إكراما وبرا واحتراما له لا رياءا. (وقوله: من نحو صلاح) بيان للفضيلة. (وقوله: أو ولادة) أي ويسن القيام لمن له ولادة: كأب أو أم.
(وقوله: أو ولاية) أي ولاية حكم: كأمير وقاض. (قوله: مصحوبة بصيانة) قال ع ش: راجع للجميع. اه‍. والمراد بالصيانة: العفة والعدالة، ومفهومها أنه لو كان كل ممن ذكر ليس فيه صيانة، بأن كان فاسقا أو ظالما، فلا يسن له القيام (قوله: أو لمن يرجى خيره) أي ويسن القيام لمن يترقب خيره، قال السيد عمر البصري: لعل المراد الخير الأخروي - كالمعلم - حتى لا ينافي الحديث المار. اه‍. (وقوله: أو يخشى شره) أي يخاف شره لو لم يقم له. (قوله: ويحرم على الرجل أن يحب الخ) أي للحديث الحسن من أحب أن يتمثل الناس له قياما، فليتبوأ مقعده من النار. (قوله:
ويسن تقبيل الخ) أي لما روي، عن عائشة رضي الله عنها قالت: قدم زيد بن حارثة المدينة ورسول الله (ص) في بيتي، فأتاه فقرع الباب، فقام إليه النبي (ص) يجر ثوبه، فاعتنقه وقبله قال الترمذي حديث حسن. (قوله: كتشميت عاطس) أي فهو سنة عندنا، واختلف أصحاب مالك في وجوبه: فقال القاضي عبد الوهاب هو سنة، ويجزئ تشميت واحد من الجماعة، كمذهبنا، وقال ابن مزين يلزم كل واحد منهم، واختاره ابن العربي المالكي اه‍. أذكار. (قوله: بالغ) سيذكر مقابله. (قوله: حمد الله تعالى) قيد وسيذكر محترزه، ولا بد أيضا أن لا يزيد عطاسه على ثلاث، وأن لا يكون بسبب، وإلا فلا يسن التشميت. (قوله: بيرحمك الله) أي أن التشميت يكون بيرحمك الله، أو ربك، أو بيرحمكم الله، أو رحمكم الله. (قوله: وصغير مميز) معطوف على بالغ، وهو مفهومه: أي وكتشميت صغير مميز، ولم يقيد في التحفة والنهاية الصغير بكونه مميزا، ولعل ما جرى عليه الشارح هو الظاهر، لان التشميت لا يسن إلا بعد الحمد، وإذا كان غير مميز فلا يتصور منه حمد. (وقوله: بنحو أصلحك الله) أي تشميت الصغير يكون بما يناسبه، كأصلحك الله، أو أنشأك الله إنشاء صالحا، أو بارك الله فيك، ولم يفرق النووي في الأذكار بين ما يشمت به الكبير والصغير. (قوله: فإنه) أي التشميت سنة، لما رواه أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي (ص) قال: إن الله يحب العطاس ويكره التثاؤب، فإذا عطس أحدكم وحمد الله تعالى، كان حقا على كل مسلم سمعه أن يقول له يرحمك الله، وأما التثاؤب فإنما هو من الشيطان، فإذا تثاءب أحدكم فليرده ما استطاع، فإن أحدكم إذا تثاءب ضحك منه الشيطان. قال العلماء: والحكمة في ذلك أن العطاس سببه محمود، وهو خفة الجسم التي تكون لقلة الاخلاط وتخفيف الغذاء، وهو أمر مندوب إليه، لأنه يضعف الشهوة ويسهل الطاعة، والتثاؤب بضد ذلك. (قوله: على الكفاية إن سمع جماعة) أي العطاس والحمد عقبه، فالمفعول
(٢١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 214 215 216 217 218 219 220 221 222 223 224 ... » »»
الفهرست