(قوله: أن يجمع) أي الراد ليحصل الافهام، ويسقط عنه فرض الجواب. (وقوله: بين اللفظ والإشارة) أي بنحو اليد.
ويغني عن الإشارة علمه بأن الأصم فهم بقرينة الحال، والنظر إلى فهمه الرد عليه. كذا في شرح الروض. (قوله: ولا يلزمه الرد الخ) أي ولا يلزم الأصم الرد على من سلم عليه، إلا أن جمع له من سلم عليه بين اللفظ والإشارة. قال في الروض وشرحه. وتجزئ إشارة الأخرس ابتداء وردا، لان إشارته قائمة مقام العبارة. (قوله: وابتداؤه أي السلام) يؤخذ من قوله ابتداؤه، أنه لو أتى به بعد تكلم لم يعتد به. نعم: يحتمل في تكلم سهوا أو جهلا، وعذر به أنه لا يفوت الابتداء به فيجب جوابه. اه. تحفة. (قوله: عند إقباله) أي على شخص مسلم. (وقوله: أو انصرافه) أي عنه: أي إذا أراد أن ينصرف عنه، يسن للمنصرف ابتداء السلام عليه. (قوله: على مسلم) متعلق بالسلام. وخرج به الكافر، فلا يسن السلام عليه، بل يحرم - كما سيذكره - (قوله: غير نحو فاسق أو مبتدع) سيأتي محترزهما. (قوله: حتى الصبي المميز) غاية في المسلم: أي يسن السلام عليه، ولو كان صبيا مميزا. (قوله: وإن ظن عدم الرد) غاية في سنية ابتداء السلام على مسلم.
فلو أخرها عن قوله سنة لكان أولى (قوله: سنة) قال الحليمي: وإنما كان الرد فرضا والابتداء سنة، لان أصل السلام أمان ودعاء بالسلامة، وكل اثنين أحدهما آمن من الآخر، يجب أن يكون الآخر آمنا منه، فلا يجوز لاحد إذا سلم عليه غيره أن يسكت عنه لئلا يخافه. اه.
واعلم: أن أصل السلام ثابت بالكتاب والسنة والاجماع، أما الكتاب فقد قال سبحانه وتعالى: * (فإذا دخلتم بيوتا فسلموا على أنفسكم تحية من عند الله مباركة طيبة) *. وقال تعالى: * (وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها) *. وقال تعالى: * (فقالوا سلاما قال سلام) *.
وأما السنة ففي الصحيحين: عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، أن رجلا سأل رسول الله (ص):
أي الاسلام خير؟ قال تطعم الطعام وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعر ف. وفيهما أيضا عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي (ص) قال: خلق الله عز وجل آدم على صورته، طوله ستون ذراعا، فلما خلقه قال: اذهب فسلم على أولئك النفر، وهم نفر من الملائكة جلوس، فاستمع ما يحيونك، فإنها تحيتك وتحية ذريتك. فقال: السلام عليكم، فقالوا: السلام عليك ورحمة الله. فزادوه رحمة الله. وفيهما عن البراء بن عازب رضي الله عنهما قال: أمرنا رسول الله (ص) بسبع: بعيادة المريض، واتباع الجنائز، وتشميت العاطس، ونصر الضعيف، وعون المظلوم، وإفشاء السلام، وإبرار القسم. وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله (ص): لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا. أو لا أدلكم على شئ إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم.
(قوله: عينا للواحد) حال من سنة: أي حال كون السنة عينا: أي سنة عين من الواحد. (قوله: وكفاية للجماعة) أي وسنة كفاية إذا كان من جماعة، فإذا فعله واحد منهم، فقد أدى المطلوب وسقط الطلب به عن الباقين. قال ابن رسلان في زبده:
والسنة المثاب من قد فعله ولم يعاقب امرؤ إن أهمله ومنه مسنون على الكفاية كالبدء بالسلام من جماعة (قوله: كالتسمية للاكل) أي فإنها سنة عين من الواحد، وكفاية من الجماعة. (قوله: لخبر الخ) دليل على سنية ابتداء السلام: أي وإنما كان سنة لخبر: إن أولى الناس بالله - أي برحمته، أو بدخول جنته - أي من بدأهم بالسلام.