كسبق لسان الخ) تمثيل لما يخرجه عن الكفر. (وقوله: أو حكاية كفر) أي كفر غيره كأن يقول قال فلان أنا الله مثلا.
(وقوله: أو خوف) أي كأن يكون في بلاد الكفر وأمروه بالسجود لصنم فسجد له خوفا منهم أن يقتلوه لو لم يسجد، ومثل ما ذكر من سبق اللسان وما بعده الاجتهاد فيما لم يقم الدليل القاطع على خلافه كاعتقاد المعتزلة عدم رؤية الباري في الآخرة أو عدم عذاب القبر أو نعيمه فلا يكفرون بذلك لأنه اقترن به اجتهاد (قوله: وكذا قول الولي) أي مثل ما اقترن به ما يخرجه عن الردة قول الولي في حال غيبته أنا الله فلا يقتل لعدم تكليفه حينئذ. وعبارة المغنى: وخرج بذلك من سبق لسانه إلى الكفر أو أكره عليه فإنه لا يكون مرتدا، وكذا الكلمات الصادرة من الأولياء في حال غيبتهم، وفي أمالي الشيخ ابن عبد السلام أن الولي إذا قال أنا الله عزر التعزير الشرعي ولا ينافي الولاية لأنهم غير معصومين، وينافي هذا قول القشيري من شرط الولي أن يكون محفوظا كما أن من شرط النبي أن يكون معصوما، فكل من كان للشرع عليه اعتراض فهو مغرور مخادع، فالولي الذي توالت أفعاله على الموافقة، وقد سئل ابن سريج عن الحسين الحلاج لما قال: أنا الحق فتوقف فيه، وقال هذا رجل خفي علي أمره، وأما أقول فيه شيئا، وأفتى بكفره بذلك القاضي أبو عمرو والجنيد وفقهاء عصره، وأمر المقتدر بضربه ألف سوط، فإن مات وإلا ضرب ألفا أخري، فإن لم يمت قطعت يداه ورجلاه ثم ضرب عنقه، ففعل به جميع ذلك لست بقين من ذي الحجة ستة تسع وثلاثمائة والناس مع ذلك يختلفون في أمره، فمنهم من يبالغ في تعظيمه، ومنهم من يكفره لأنه قتل بسيف الشرع، وجرى ابن المقري، تبعا لغيره، على كفر من شك في كفر طائفة، كابن عربي الذين ظاهر كلامهم عند غيرهم الاتحاد، وهو بحسب ما فهموه من ظاهر كلامهم، ولكن كلام هؤلاء جار على اصطلاحهم: إذ اللفظ المصطلح عليه حقيقة في معناه الاصطلاحي مجاز في غيره، والمعتقد منهم لمعناه معتقد لمعنى صحيح، وأما من اعتقد ظاهره من جهلة الصوفية فإنه يعرف فإن استمر على ذلك بعد تعريفه صار كافرا. اه. وفي شرح الروض بعد كلام: والحق أن هؤلاء، أي الطائفة كابن عربي، مسلمون أخيار وكلامهم جار على اصطلاحهم كسائر الصوفية وهو حقيقة عندهم في مرادهم وإن افتقر عند غيرهم ممن لو اعتقد ظاهره عنده كفر إلى تأويل:
إذ اللفظ المصطلح عليه حقيقة في معناه الاصطلاحي مجاز في غيره بالمعتقد منهم لمعناه معتقد لمعنى صحيح، وقد نص على ولاية ابن عربي جماعة علماء عارفون بالله منهم الشيخ تاج الدين بن عطاء الله والشيخ عبد الله اليافعي ولا يقدح فيه وفي طائفة ظاهر كلامهم المذكور عند غير الصوفية لما قلناه ولأنه قد يصدر عن العارف بالله إذا استغرق في بحر التوحيد والعرفان بحيث تضمحل ذاته في ذاته وصفاته في صفاته ويغيب عن كل ما سواه عبارات تشعر بالحلول والاتحاد لقصود العبارة عن بيان حاله الذي ترقى إليه وليست في شئ منهما كما قاله العلامة السعد التفتازاني وغيره. اه. في حاشية الأمير علي عبد السلام الناس في التوحيد متفاوتون، فالعامة الاسلامية اقتصروا على علم ظاهر لا إله إلا الله، ومنهم من ترقى إلى معرفة ما يمكن بالبراهين الفكرية، ومنهم من فتح عليه بأمور وجدانية، ومنهم من ذاق الكل من الله وإليه فرضي بكل شئ من هذه الحيثية، كما سبقت الإشارة إليه غير مرة، ومنهم من غاب عن المغايرة وطفح في سكره حيث قال أنا الله، أو ما في الجبة إلا الله، أو ما في الكون إلا الله، فمنهم من عذرهم بذلك، ومنهم من عاقبهم، والكل على خير إن شاء الله تعالى حيث صح الأصل. اه (قوله: وما وقع) مبتدأ، خبره غير مراد به ظاهره، والمعنى أن ما وقع في عبارات القوم مما يوهم الكفر كالكلمات المتقدمة غير مراد به ظاهره، بل له معنى صحيح عندهم اصطلحوا عليه (قوله: كما لا يخفى على الموفقين) أي المنورين البصيرة (قوله: نعم يحرم الخ) استدراك على كون ما وقع من هذه الطائفة غير مراد ظاهره بل له معنى صحيح عندهم (قوله: مطالعة) فاعل يحرم (قوله: فإنها) أي مطالعة كتبهم، (وقوله:
مزلة قدم) أي موضع زللها، والمراد من طالع كتبهم وهو لا يعرف حقيقة اصطلاحهم يكون ذلك له سببا في زلله وخروجه