إعانة الطالبين - البكري الدمياطي - ج ٤ - الصفحة ١١٧
غيره ممن له الحضانة وعند فقدهما معا يقع بين غيرهما كذلك، فإذا كان المفقود الأب يقع التخيير بين الام والجد إن وجد فإن لم يوجد وقع التخيير بينها وبين من على حاشية النسب كأخ وعم وإذا فقدت الام وقع التخيير بين الأب والأخت لغير أب فقط بأن كانت شقيقة أو لام أو بين الأب والخالة إن لم توجد الأخت وإذا فقدا معا وقع بين الأخت أو الخالة وبقية العصبة على الأوجه. قال في التحفة وظاهر كلامهم أن التخيير لا يجري بين ذكرين ولا أنثيين. اه‍.
(قوله: ولأب اختير الخ) أي ويجوز لأب اختاره المحضون أن يمنعه من زيارة أمه إن كان أنثى وذلك لتألف الصيانة وعدم الخروج والام أولى منها بالخروج لزيارتها. قال في التحفة: وإفتاء ابن الصلاح بأن الام إذا طلبتها أرسلت إليها محمول على معذورة عن الخروج للبنت لنحو تخدر أو مرض أو منع نحو زوج، ويظهر أن محل إلزام ولي البنت بخروجها للام عند عذرها بناء على ما ذكر حيث لا ريبة في الخروج قوية، وإلا لم يلزمه. اه‍. وقوله لا الذكر: أي فلا يمنعه من زيارة أمه لئلا يكون ساعيا في العقوق وقطع الرحم، وهو أولى منها بالخروج لأنه ليس بعورة، فإن منعه حرم عليه (قوله: ولا تمنع الام الخ) يعني لا يمنع الأب المختار الام من زيارة ابنها أو بنتها في بيته بل يمكنها من دخوله لذلك، وعبارة شرح البهجة: وإذا زارت لا يمنعها الدخول لبيته ويخلى لها حجرة، فإن كان البيت ضيقا خرج ولا تطيل المكث في بيته وعدم منعها الدخول لازم، كما صرح به الماوردي، فقال: يلزم الأب أن يمكنها من الدخول ولا يولها على ولدها للنهي عنه، وفي كلام غيره ما يفهم عدم الوجوب، وبه أفتى ابن الصلاح فقال: فإن بخل الأب بدخولها إلى منزله أخرجها إليها، فإن أبى تعين أن يبعثها إلى الام، فإن امتنع الزوج من إدخالها إلى منزله نظرت إليها والبنت خارجة وهي داخله ثم نقل عن بعضهم أن الدخول من غير إطالة لغرض الزيارة لا منع منه. انتهت (قوله: على العادة) أي كيوم من الأسبوع لا في كل يوم. قال في النهاية: إلا أن يكون منزلها قريبا فلا بأس بدخولها كل يوم. اه‍.
قال ع ش: وقد يتوقف في الفرق بين قريبة المنزل وبعيدته، فإن المشقة في حق البعيدة إنما هي على الام. اه‍. قال الرشيدي: ثم ظهر أن وجهة النظر للعرف، فإن العرف أن قريب المنزل كالجار يتردد كثيرا - بخلاف بعيده. اه‍ (قوله: والام أولى بتمريضهما) أي الابن والبنت لأنها أهدى إليه وأشفق عليهما، وقوله عند الأب: أي في بيت الأب، وقوله إن رضي: أي الأب بتمريضهما في بيته، وقوله وإلا فعندها: أي وإن لم يرض أن يكون التمريض في بيته فليكن عندها في بيتها ويعودهما الأب، وليحترز حينئذ في هذه الحالة وفي التي قبلها عن الخلوة المحرمة (قوله: وإن اختارها ذكر الخ) هذا مقابل قوله ولأب اختير الخ. وكان المناسب في التقابل أن يقول بدل قوله ولأب اختير الخ فإن اختاره ذكر لم يمنعه من زيارة أمه أو أنثى فله منعها ثم يقول ولا تمنع الام الخ ثم يقول وإن اختارها الخ (قوله: فعندها ليلا) أي فيكون عند الام المختارة ليلا. وقوله وعنده نهارا أي ويكون عند الأب نهارا، وذلك ليعلمه الأمور الدينية على ما يليق به وإن لم يكن لائقا بأبيه، فإذا كان أبوه حمارا وهو عاقل حاذق جدا فالذي يليق به أن يكون عالما مثلا، وإن كان أبوه عالما وهو بليد جدا فالذي يليق به مثلا أن يكون حمارا فيؤدبه بالذي يليق، فمن أدب ولده صغيرا سر به كبيرا. ويقال: الأدب على الآباء والصلاح على الله تعالى. وما أحسن قول بعضهم:
علم بنيك إن أردت صلاحه لا خير في ولد إذا لم تضرب أو ما ترى الأقلام حين قصامها إن لم تقط رؤوسها لم تكتب؟
وقال آخر: منن الاله على العباد كثيرة وأجلهن نجابة الأولاد فضع العصا أدبا لهم كي يسلكوا سبل الرشاد ومنهج الأزهاد
(١١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 112 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 ... » »»
الفهرست