الغانمين، فالمناسب أن يخص ما أخذه بالاشتراك بينه وبين غيره، وإن كانت الغنيمة كلها مشتركة. (قوله: والشريك لا يجوز إلخ) من جملة العلة، وهو يفيد أنه لو أذن له المستحقون في أخذه قبل القسمة من الامام يجوز له أخذه، وليس كذلك. ولو أبدل العلة المذكورة من أصلها بقوله لأنه قبل القسمة لا يملك بالأخذ. لكان أولى. (قوله: ويسن صدقة تطوع) لما أنهى الكلام على بيان الصدقة الواجبة، شرع في بيان الصدقة المسنونة، فقال: ويسن صدقة التطوع. والمراد بالتطوع: ما زاد على الفرض، لا المعنى المرادف للسنة، أي ويسن صدقة ما زاد على الفرض. وبه يندفع ما قيل:
لا تصح هذه الإضافة، لان التطوع مرادف للسنة المفهومة من يسن، فيصير التقدير: ويسن صدقة السنة، ولا معنى له.
(لطيفة) قال بعضهم: إن الصدقة أربعة حروف: صاد، ودال، وقاف، وهاء، فالصاد منها: تصون صاحبها عن مكاره الدنيا والآخرة. والدال منها: تكون دليله على طريق الجنة غدا عند تحير الخلق. والقاف منها للقربة، تقرب صاحبها إلى الله تعالى. والهاء منها: للهداية، يهدي الله تعالى صاحبها للأعمال الصالحة ليستوجب بها رضوانه الأكبر.
(قوله: لآية: * (من ذا الذي يقرض) * (1) إلخ) أي ولآية * (وما تنفقوا من خير يوف إليكم وأنتم لا تظلمون) * (2) وآية * (آمنوا بالله ورسوله وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه، فالذين آمنوا منكم وأنفقوا لهم أجر كبير) * (3) قال في النصائح، بعد ذكر قوله تعالى * (فيضاعفه له وله أجر كريم) *: (4) فاستشعر في نفسك هذا الاجر الذي سماه الله كبيرا أو كريما، أي أجر هو؟ وكذلك المضاعفة التي لم يحصرها الله بعدد في قوله: * (فيضاعف له) * وفي آية أخرى: * (أضعافا كثيرة) *، فأطلق الكثرة ولم يجعلها إلى حد فأي ترغيب من الله الجواد الكريم يزيد على هذا الترغيب؟ فأف لمن لا يعقل عن الله، ولا يفهم في آياته حتى غلب عليه البخل لماله واستولى عليه الشح بما عنده من فضل الله، حتى ربما ينتهي به ذلك إلى منع الحقوق الواجبة فضلا عن التطوع بالصدقات. فلو كان هذا فقيرا لا يملك قليلا ولا كثيرا كان ذلك أجمل به وأحسن له. اه. (قوله: وللأحاديث الكثيرة الشهيرة) منها: قوله (ص): كل امرئ في ظل صدقته حتى يفصل بين الناس.
ومنها: قوله عليه الصلاة والسلام: اتقوا النار، ولو بشق تمرة، فإن لم تجدوا فبكلمة طيبة. وقال عليه الصلاة والسلام:
الصدقة تطفى الخطيئة كما يطفئ الماء النار. وقال عليه الصلاة والسلام: يحشر الناس يوم القيامة أعرى ما كانوا قط، وأعطش ما كانوا قط، وأنصب ما كانوا قط، فمن كسا لله كساه الله، ومن أطعم لله أطعمه الله (1)، ومن سقى لله سقاه الله.
الحديث. وأراد بقوله لله. أن يفعل ذلك مخلصا لوجه الله، من غير رياء ولا تصنع للناس، ولا طلب محمدة منهم.
وقال عليه الصلاة والسلام: من أطعم أخاه حتى يشبعه، وسقاه حتى يرويه، باعده الله من النار سبعة خنادق، ما بين كل خندقين خمسمائة عام. وقال عليه الصلاة والسلام: ما من رجل يتصدق يوم أو ليلة إلا حفظ أن يموت من لدغة، أو هدمة، أو موت بغتة.
(فائدة) عن ابن عباس - رضي الله عنهما - عن النبي (ص): إن امرأة من بني إسرائيل كان لها زوج وكان غائبا، وكان له أم، فأولعت بامرأة ابنها، فكرهتها، فكتبت كتابا على لسان ابنها إلى امرأة ابنها بفراقها، وكان لها ابنان من زوجها، فلما انتهى ذلك إليها لحقت بأهلها مع ولديها، وكان لهم ملك يكره إطعام المساكين، فمر بها مسكين ذات يوم وهي على خبزها، فقال: أطعميني من خبزك فقالت: أما علمت أن الملك حرم إطعام المساكين؟ قال: بلى ولكني هالك إن لم تطعميني أنت. فرحمته وأطعمته قرصين، وقالت له: لا تعلم أحدا أني أطعمتك. فانصرف بهما، فمر