إعانة الطالبين - البكري الدمياطي - ج ١ - الصفحة ٨٣
إلخ أي بخلاف تمكينه من الصلاة والطواف ونحوهما مع الحدث. والفرق أن زمن الدرس يطول غالبا، في تكليف الصبيان إدامة الطهارة مشقة تؤدي إلى ترك الحفظ في ذلك، بخلاف الصلاة ونحوها. نعم، نظير المسألة ما إذا قرأ للتعبد لا للدراسة بأن كان حافظا أو كان يتعاطى مقدرا لا يحصل به الحفظ في العادة. وفي الرافعي ما يقتضي التحريم، فتفطن لذلك فإنه مهم. في سم: والوجه أنه لا يمنع من حمله ومسه للقراءة فيه نظرا وإن كان حافظا عن ظهر قلب إذا أفادت القراءة فيه نظرا فائدة ما في مقصوده، كالاستظهار على حفظه وتقويته حتى بعد فراغ مدة حفظه، إذا أثر ذلك في ترشيح حفظه. اه‍. وقد يقول: لا تنافي لامكان حمل ما في الرافعي على إرادة التعبد المحض. وما نقله سم على ما إذا تعلق بقراءته فيه غرض يعود إلى الحفظ، كما أشعر به قوله كالاستظهار.
(فائدة) وقع السؤال في الدرس عما لو جعل المصحف في خرج أو غيره، وركب عليه. هل يجوز أم لا؟ فأجبت عنه بأن الظاهر أن يقال في ذلك إن كان على وجه يعد ازدراء به، كأن وضعه تحته بينه وبين البرذعة، أو كان ملاقيا لاعلى الخرج مثلا من غير حائل بين المصحف وبين الخرج، وعد ذلك ازدراء له. ككون الفخذ صار موضوعا عليه، حرم، وإلا فلا. اه‍.
وقوله: ولو جنيا الغاية للرد. وقوله: حمل ومس مضافان إلى ما بعدهما. وهما منصوبان بإسقاط الخافض.
(قوله: لحاجة، إلخ) متعلق بحمل ومس، وإضافتها إلى ما بعدها للبيان. (قوله: ووسيلتهما) أي التعلم والدرس.
وقوله: كحمله إلخ تمثيل للوسيلة. (قوله: والاتيان به) أي بنحو المصحف. وقوله: ليعلمه منه أي ليعلمه المعلم منه. ويجب على المعلم الطهارة، ولا يجوز له حمله ومسه من غيرها. نعم، أفتى الحافظ ابن حجر بأنه يسامح لمؤدب الأطفال الذي لا يستطيع أن يقيم على الطهارة في مس الألواح لما فيه من المشقة، لكن يتيمم لأنه أسهل من الوضوء.
اه‍. (قوله: ويحرم تمكين غير المميز) أي على الولي أو المعلم لئلا ينتهكه. قال الكردي: قال في الايعاب: نعم، يتجه حل تمكين غير المميز منه لحاجة تعلمه إذا كان بحضرة نحو الولي، للأمن من أنه ينتهكه حينئذ. قال في المجموع:
ولا تمكن الصبيان من محو الألواح بالأقذار. ومنه يؤخذ أنهم يمنعون أيضا من محوها بالبصاق. وبه صرح ابن العماد.
اه‍. وقوله: من نحو مصحف أي من حمل أو مس نحو مصحف من كل ما كتب لدرس قرآن كلوح. (قوله: ولو بعض آية) غاية لنحو المصحف. (قوله: وكتابته بالعجمية) بالرفع، معطوف على تمكين. أي ويحرم كتابته بالعجمية. ورأيت في فتاوى العلامة ابن حجر أنه سئل هل يحرم كتابة القرآن الكريم بالعجمية كقراءته؟ فأجاب رحمه الله بقوله: قضية ما في المجموع عن الأصحاب التحريم، وذلك لأنه قال: وأما ما نقل عن سلمان رضي الله عنه أن قوما من الفرس سألوه أن يكتب لهم شيئا من القرآن، فكتب لهم فاتحة الكتاب بالفارسية. فأجاب عنه أصحابنا بأنه كتب تفسير الفاتحة لا حقيقتها. اه‍. فهو ظاهر أو صريح في تحريم كتابتها بالعجمية، وإلا لم يحتاجوا إلى الجواب عنه بما ذكر. فإن قلت:
ليس هو جوابا عن الكتابة بل عن القراءة بالعجمية المرتبة على الكتابة بها. فلا دليل لكم فيه؟ قلت: بل هو جواب عن الامرين. وزعم أن القراءة بالعجمية مرتبة على الكتابة بها ممنوع بإطلاقه. فقد يكتب بالعجمية ويقرأ بالعربية، وعكسه.
فلا تلازم بينهما كما هو واضح. وإذا لم يكن بينهما تلازم كان الجواب عما فعله سلمان رضي الله عنه بذلك ظاهرا فيما
(٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 ... » »»
الفهرست