تحديد لما روى عن عائشة رضي الله عنها انها قالت (جرت السنة انه ليس فيما دون خمسة أو سق من التمر صدقة) (1) ولان نصاب المواشي وغيرها معتبر على التحديد فكذلك ههنا فان قلنا بالأول احتمل نقصان القدر القليل كالرطل والرطلين وحاول امام الحرمين ضبطه فقال الأوساق هي الاوقار والوقر المقتصد مائة وستون منا فكل نقصان لو وزع على الأوسق الخمسة لم تعد منحطة عن حد الاعتدال فلا يضر وان عدت منحطة عن حد الاعتدال لم يحتمل وان أشكل الامر فيجوز أن يقال لا زكاة إلى أن تتحقق الكثرة ويجوز أن يقال يجب لبقاء الأوسق وتعليق الزكاة بها في الخبر الذي رويناه قال وهذا أظهر ثم جرى في أثناء كلامه أن الاعتبار فيما علقه الشارع بالصاع والمد بمقدار موزون يضاف إلى الصاع والمد لا بما يحوي البر ونحوه وذكر القاضي الروياني وغيره ان الاعتبار بالكيل لا بالوزن قال أبو العباس الجرجاني الا العسل إذا أوجبنا الزكاة فيه فالاعتبار فيه بالأرطال قال فإنه لا يكال وهذا هو الصحيح وسيأتي شواهده ومنه قوله في المختصر مكيلة زكاة الفطر هذه الترجمة تشعر بأن المعتبر الكيل وعلى هذا توسط في العدة بين وجهي التقريب والتحديد فقال هو على التحديد في الكيل وعلى التقريب في الوزن وإنما قدره العلماء بالوزن استطهارا (المسألة الرابعة) لا فرق بين ما تنبته الأرض المملوكة وما تملكه الأرض المكتراة في وجوب العشر ويجتمع على المكترى العشر والأجرة كما لو اكترى حانوتا للتجارة يجب عليه الأجرة وزكاة التجارة جميعا وعند أبي حنيفة رحمه الله العشر على المكرى لان العشر عنده حق الأرض وعلى هذا الأصل يبنى الخلاف في اجتماع العشر والخراج فعندنا هما يجتمعان وعنده لا عشر فيما تنبته الأرض الخراجية لنا انهما حقان وجبا بسببين مختلفين فلا يمنع أحدهما الاخر كالقيمة والجزاء في الصيد المملوك ثم قال الأصحاب وإنما تكون الأرض خراجية في صورتين (إحداهما) أن يفتح الامام بلدة قهر أو يقسمها بين الغانمين ثم يبدلهم عنهما ويقفها على المسلمين ويضرب عليها خراجا كما فعل عمر رضي الله عنه بسواد العراق على الصحيح وفيه لابن سريج خلاف مذكور في موضعه (والأخرى) أن يفتح بلدة صلحا على أن تكون الأراضي للمسلمين ويسكنها الكفار بخراج معلوم فالأراضي فئ المسلمين والخراج عليها أجرة لا يسقط باسلامهم وكذا لو انجلي الكفار عن بلدة وقلنا إن الأراضي تصير وقفا على مصابح المسلمين فيضرب عليها خراج يؤديه
(٥٦٦)