فتح العزيز - عبد الكريم الرافعي - ج ٥ - الصفحة ٥٤٥
أن يكون الباقي عنده نصابا ولم يجعل المعجل مضموما إلى ما عنده فيخرج من ذلك امتناع التعجيل في الصورة الأولى وأن لا تجب شاة ثانية في الثانية ولا ثالثة في الثالثة وساعدنا احمد على ما ذكرنا واحتج الأصحاب على جواز التعجيل عن الأربعين فحسب بأن قالوا هذا نصاب يجب الزكاة فيه بحولان الحول فجاز تعجيلها منه كما لو كان أكثر من أربعين واحتج الشافعي رضي الله عنه على تكميل النصاب الثاني والثالث بالمعجل بأن التعجيل إنما جوز ارفاقا بالفقراء فلا يجوز أن يصير سببا لاسقاط حقوقهم ومعلوم أنه لولا التعجيل لو جبت زيادة على ما أخرجه. إذا عرفت ذلك فلا يخلوا لحال بعد تعجيل الزكاة اما أن يتم الحول على السلامة أو يعرض مانع فان تم الحول على السلامة أجزأه ما اخرج ثم كيف التقدير إذا كان الباقي عنده ناقصا عن النصاب كما لو لم يملك الا أربعين فعجل منها واحدة: أيزول الملك عن المعجل ومع ذلك يحتسب عن الزكاة أم لا يزول: عن صاحب التقريب أنه يقدر كأن الملك لم يزل لينقضي الحول وفي ملكه نصاب واستبعد امام الحرمين ذلك وقال تصرف القابض فيه نافذ بالبيع والهبة وغير هما فكيف فقول ببقاء ملك المعطى وهذا الاستبعاد حق ان أراد صاحب التقريب بقاء ملكه حقيقة إلى آخر الحول وإن أراد أنه نازل منزلة الباقي حتى يكون مجزئا عن زكاته ويكمل بالنصاب الآخر فلا استبعاد والأصحاب مطبقون عليه وكأنه اكتفى عن التعجيل بمضي ما سبق من الحول على كمال النصاب رفقا بالفقراء فهذا إذا تم الحول على السلامة وإن عرض مانع من وقوع المعجل زكاة نظر إن كان المخرج أهلا للوجوب وبقى في يده نصاب لزمه الاخراج ثانيا وإن كان الباقي دون النصاب فحيث لا يثبت الاسترداد فلا زكاة عليه وكأنه تطوع بشاة قبل تمام الحول وحيث يثبت الاسترداد فاسترد فقد ذكر شيوخنا العراقيون فيه ثلاثة أوجه (أحدها) انه يستأنف الحول ولا زكاة لما مضى لنقصان ملكه عن النصاب قبل تمام الحول (والثاني) أنه تجب الزكاة للحول الماضي لان المخرج للزكاة كالباقي واحتجوا عليه بما إذا وقع عن الزكاة (والثالث) أنه يفرق بين النقد فيزكيه لما مضى وبين الماشية فلا يزكيها لما مضى لان السوم شرط في زكاة المشاية وذلك ممتنع في الحيوان في الذمة. قالوا وأظهر الوجوه هو الثاني وهو الذي ذكره في التهذيب بل لفظه يقتضي وجوب الاخراج ثانيا وإن لم يسترد بعد إذا كان المخرج بعينه باقيا في يد القابض وعن صاحب التقريب بناء المسألة على الأصل السابق وهو أنه إذا ثبت الاسترداد فتبين ان الملك لم يزل عن المعجل أو يقال بالزوال ويجعل قرضا إن قلنا بالزوال فإذا استرجع استفتح الحول من يومئذ ولا زكاة لما مضى. وان قلنا يتبين أن الملك لم يزل لزمه الزكاة لما مضى لتبين أطراد الحول على نصاب كامل وزاد الامام شيئا آخر على هذا القدير الثاني فقال: الشاة التي تسلط
(٥٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 540 541 542 543 544 545 546 547 548 549 550 ... » »»
الفهرست