فتح العزيز - عبد الكريم الرافعي - ج ٥ - الصفحة ٥٣٨
لعود المنفعة عليه وهذا الوجه أصح عند صاحب الشامل واليه يميل كلام الأكثرين وفي التتمة والعدة أن الأول أصح (الرابعة) أن يتسلف لا بسؤال المالك ولا بسؤال المساكين لما رأى بهم من الخلة والحاجة فهل تنزل حاجتهم منزلة سؤالهم فيه وجهان حكاهما امام الحرمين وغيره (أحدهما) نعم لان الزكاة مصروفة إلى جهة الحاجة لا إلى قوم معينين والامام ناظر لها فإذا رأى المصلحة في الاخذ كان له ذلك وكان كما لو أخذ بسؤالهم وصار كولى الطفل (وأظهرهما) انها لا تنزل منزلة سؤالهم لأنهم أهل رشد ونظر ولو عرفوا صلاحهم في التسلف لا التمسوه من الامام فعلى هذا ان دفعه إليهم وخرجوا عن الاستحقاق عند تمام الحول استرده منهم ودفعه إلى غير هم وان خرج الدافع عن أهلية الوجوب استرده ورده إليه فإن لم يجد للمدفوع إليه مالا ضمنه من مال نفسه فرط أو لم يفرط وعلى المالك اخراج الزكاة ثانيا وفيه وجه آخر أنه لا ضمان على الامام ويحكى مثله عن أبي حنيفة واحمد ثم الوجهان في أن الحاجة هل تنزل منزلة السؤال في حق البالغين (فأما) إذا كانوا أطفالا فهذا يبني أولا على أن الصغير هل يدفع إليه من سهم الفقراء والمساكين أم لا (اما) إذا كان مكتفيا بنفقة أبيه أو غيره من الأقارب ففيه وجهان مذكوران في قسم الصدقات في الكتاب وسنشرحها ثم إن شاء الله تعالى جده (واما) إذ لم يكن من ينفق عليه من أب وجد وغيرهما فقد حكي القاضي ابن كج عن أبي إسحاق انه لا يجوز صرف الزكاة إليه لاستغنائه عن الزكاة بالسهم المصروف إلى اليتامى من الغنيمة. وعن ابن أبي هريرة انه يجوز صرف الزكاة إلى قيمه قال: وهذا هو المذهب إذا عرفت ذلك فان قلنا بجواز الصرف فحاجة أطفال المساكين كسؤال البالغين إذ ليس لهم أهلية النظر والتماس التسلف فتسلف الامام الزكاة واستقراضه لهم كاستقراض قيم اليتيم له. هذا إذا كان الذي يلي أمرهم الامام فاما إذا كان يلي أمرهم من هو مقدم على الامام فحاجتهم كحاجة البالغين لان لهم من يسأل التسلف لو كان صلاحهم فيه أما إذا قلنا لا يجوز الصرف إلى الصغير فلا تجئ هذه المسألة في سهم الفقراء والمساكين ويجوز ان تجئ في سهم الغارمين ونحوه لان الخلاف في المكفى بنفقة أبيه لا يتجه في سهم الغارمين إذ ليس على القريب قضاء دين القريب وفي المسائل كلها لو تلف المعجل في يد الساعي أو الامام بعد تمام الحول سقطت الزكاة عن المالك لان الحصول في يدهما بعد الحول كالوصول إلى المساكين كما لو اخذ بعد الحول ثم إن فرط في الدفع إليهم ضمن من مال نفسه لهم والا فلا ضمان على أحد وليس من التفريط ان ينتظر انضمام غيره إليه لقلته فإنه لا يجب تفريق كل قليل يحصل عنده. وعد بعد هذا إلى لفظ الكتاب واعلم أن قوله
(٥٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 533 534 535 536 537 538 539 540 541 542 543 ... » »»
الفهرست