فتح العزيز - عبد الكريم الرافعي - ج ٥ - الصفحة ٥١٠
بقوله فهذا أولى بأن يمنع الزكاة (الثانية) لو قال جعلت هذا المال صدقة أو هذه الأغنام ضحايا فقد طرد في النهاية أصل التردد فيها وقال الظاهر أنه لا زكاة لان ما جعل صدقة لا يبقي فيه حقيقة ملك بخلاف الصورة الأولى فإنه لم يتصدق وإنما التزم أن يتصدق ولفظ الكتاب يشعر أيضا ببقاء الخلاف ههنا فإنه لم يجزم بامتناع الوجوب ولا نفى الخلاف وإنما نفى أن يكون للوجوب وجه بصفة الاتجاه ولو قال لله على أن أضحي بهذه الشاة فهو كقوله جعلتها ضحية ان قلنا إن قوله لله على التضحية بهذه يفيد التعيين وفيه خلاف مذكور في موضعه وإن تم الحول عليه لو لم يذكره لم يضر كما لم يتعرض له في أخوات هذه الصورة وذلك لأنه لا يخفى ان الخلاف في وجوب الزكاة حينئذ يفرض (الثالثة) لو أرسل النذر فقال لله على أن أتصدق بأربعين من الغنم أو بمائة درهم ولم يضف إلى ماشيته وورقه فهذا دين نذر لله تعالي فيرتب على دين الآدميين فان قلنا أنه لا يمنع فهذا اولي وان قلنا إنه يمنع ففي هذا وجهان (أحدهما) يمنع لأنه أيضا دين لازم في الذمة (وأصحهما) عند الامام أنه لا يمنع وفرق بين الدينين من وجهين (أحدهما) ان هذا الدين لا يطالب به في الحال فكان أضعف حالا (والثاني) ان النذر يشبه التبرعات إذا الناذر بالخيار في نذره فالوجوب بالنذر أضعف وهذه الصورة والأولى حكاهما أبو القاسم الكرخي وغيره عن تفريع ابن سريج على كلام لحمد رضي الله عنهما وينبغي أن يفهم هنا أن المال يتعين بتعيين الناذر إياه للصدقة ولو لم يتعين لما انتظم قوله في الصورة الأولى لتعلقه بعين المال ولما كان فرق بين أن ينذر التصدق بهذه الأربعين وبين أن ينذر التصدق بأربعين وهذا المفهوم هو ظاهر المذهب وفيه شئ نذكره إن شاء الله تعالى في شرح قوله في كتاب لا ضحايا ولو عين الدراهم للصدقة لم تتعين وبالجملة فمن أجاب بعدم التعيين لا يستقيم منه الفرق في هذه الصورة وقوله في هذه الصورة وفي الأولى لو قال لله على لو أبدله بأن يقول لو نذر التصدق بكذا لكان أولي لان الصيغة التي لا خلاف فيها في النذر أن يقول إن شفى الله مريضي فلله على كذا أما إذا اقتصر على قو لله على كذا ففيه قولان مذكوران في كتاب النذر فان قلنا أنها غير ملتزمة احتجنا إلى اضمار في لفظ الكتاب ههنا (الرابعة) لو وجب عليه الحج وتم الحول على نصاب في ملكه هل يكون وجوب الحج دينا مانعا من الزكاة إن قلنا الدين لا يمنع الزكاة فلا أثر له وان قلنا يمنع فقد ذكر الامام وتابعه المصنف ان فيه وجهين كالوجهين في دين النذر في الصورة التي قبل هذه لان دين الحج وان وجب من غير اختيار لكن المال غير مقصود فيه ودين النذر وإن كانت المالية مقصودة لكن الناذر التزمه متبرعا
(٥١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 505 506 507 508 509 510 511 512 513 514 515 ... » »»
الفهرست