المعنى المقتضي للاستمرار على الجهة الواحدة: ثم الطريق في الغالب لا يستد بل يشتمل على معاطف يلقاها السالك يمنة ويسرة فيتبعه كيف ما كان لحاجة السير وإنما قال صوب الطريق لأنه لا يشترط أن يكون سلوكه في نفس الطريق المعبد فقد يعدل المسافر عند لزحمة ودفع غبار ونحوهما فالمعتبر الصوب دون نفس الطريق * ويتعلق بهذه القاعدة مسائل (إحداها) ليس لراكب التعاسيف ترك الاستقبال في ى شئ من صلاته وهو الهائم الذي يستقبل تارة ويستدبر أخرى إذ ليس له صوب ومقصد معين وقوله ولا يصلي راكب التعاسيف معناه أنه لا ينتفل متوجها إلى حيث تسير دابته كما يفعله غيره لا أنه لا ينتفل أصلا فان هذا الرجل لو تنفل مستقبلا في جميع صلاته أجزأه ولو كان له مقصد معلوم لكن لم يسر في طريق معين فهل يتنفل مستقبلا صوبه فيه قولان أظهرهما نعم لان له مقصدا معلوما والثاني لا: إذ لم يسلك طريقا مضبوطا وقد لا يؤدى سيره إلى مقصده (الثانية) لو انحرف عن صوب الطريق أو انحرفت الدابة عنه فيبنى ذلك على ما لو انحرف المصلي على الأرض عن القبلة وينظر فيه إن استدبر القبلة في صلاته أو تحول إلى جهة أخرى عمدا بطلت صلاته وان فعله ناسيا للصلاة فان تذكر على القرب وعاد إلى الاستقبال لم تبطل صلاته كما لو تكلم في صلاته ناسيا بكلام قليل وان طال الفصل ففي البطلان وجهان كما لو تكلم ناسيا بكلام كثير أصحهما البطلان ذكره الصيدلاني وصاحب التهذيب لان الصلاة لا تحتمل الفصل الطويل ولان ذلك مما يندر والثاني الصحة كما لو قصر الزمان للعذر وهو الذي ذكره المحاملي وطبقته ولو أماله انسان عن جهة القبلة قهرا وطال الزمان بطلت صلاته فان عاد إلى الاستقبال على قرب فوجهان أصحهما البطلان والفرق بين النسيان وقهر الغير إياه أن النسيان مما يكثر ويعم والاكراه في مثل ذلك يندر ولهذا المعني نقول لو أكره على الكلام في صلاته تبطل صلاته على الصحيح بخلاف النسيان جئنا إلى الانحراف عن صوب الطريق أو تحريف الدابة عنه فلو فعل ذلك عمدا فقد قال في الكتاب بطلت صلاته وهذا غير مجرى على اطلاقه لأنه لو انحرف إلى جهة القبلة لا تبطل صلاته وكيف تبطل وقد توجه إلى الجهة التي هي الأصل فإذا المراد ما إذا حرف الدابة عن صوب الطريق إلى غير جهة القبلة أو انحرف عليها وهكذا قيده سائر الأئمة وإنما حكمنا بالبطلان لما ذكرنا من كون هذه الجهة قائمة مقام جهة القبلة وان حرف الدابة أو انحرف عليها إلى غير القبلة ناسيا فان تذكر وعاد على قرب لم تبطل صلاته وان طال الزمان فوجهان كما ذكرنا في استدبار المصلى على وجه الأرض ناسيا والأصح البطلان ولو أخطأ وظن أن الذي توجه إليه طريقه فهو كما لو انحرف ناسيا للصلاة ولو
(٢١٥)