انحرف إلى غير القبلة لجماح الدابة فهذه الصورة تشبه ما لو أماله غيره قهرا فان طال الزمان بطلت صلاته وذكر الشيخ أبو حامد انها لا تبطل كما ذكر في النسيان فقوله بطل معلم بالواو لذلك وان قصر فقد حكى في الكتاب فيه وجهين كما روينا في صورة الإمالة ولم يأت امام الحرمين بحكاية الخلاف في الجماح لكن قال قد ذكرنا في مثل هذه الصورة خلافا فيمن يصرف عن القبلة والظاهر ههنا أن الصلاة لا تبطل لان جماح الدابة مما يعم به البلوى بخلاف صرف الرجل فهو نادر لا يعهد وان أراد ان الظاهر القطع بهذا والامتناع من تخريجه على الخلاف في صورة الصرف لأنه قال بعد الفرق بين الصورتين ولهذا قطع الأئمة بان جماح الدابة في زمن قريب لا يبطل الصلاة ولم أر ما يخالف هذا للأصحاب فالامر على ما ذكرناه فإذا بحثت وجدت كتب الأصحاب متفقة على أن الصلاة لا تبطل في صورة جماح الدابة إذا ردها على القرب على أن الأكثرين سووا بين صورة النسيان وصورة الجماح سواء منهم الحاكم بالصحة عند طول الزمان والحاكم بالبطلان و يتبين من هذا أن المصنف كالمنفرد برواية الوجهين في بطلان الصلاة عند قصر المدة في صورة الجماع فاعلم ذلك (الثالثة) إذا لم يحكم بالبطلان في النسيان والجماح فهل يسجد للسهو اما عند النسيان فقد ذكر في الكتاب أنه يسجد للسهو عند قصر الزمان وهكذا حكي الصيدلاني والامام وصاحب التهذيب ووجهه أن التحريف عمدا مبطل للصلاة فإذا اتفق سهوا اقتضى سجود السهو لكن الشيخ أبا حامد في طائفة حكوا عن نص الشافعي رضي الله عنه أنه لا يسجد للسهو إذا عاد عن قريب فان طال الزمان فحينئذ يسجد فليكن قوله يسجد للسهو معلما بالواو لذلك وأما عند الجماح فمنهم من قال لا يسجد إذا لم نحكم ببطلان الصلاة لأنه لم يوجد منه ترك مأمور ولافعل منهي والذي وجد فعل الدابة ومنهم من قال وهو الأظهر يسجد وفعل الدابة كفعله وطريقة الشيخ أبي حامد ههنا كما في النسيان فالحاصل في الجماح ثلاثة أوجه يسجد: لا يسجد يفرق بين أن يطول الزمان أو يقصر وفي النسيان لا يصلح الا وجهان وهذا كله متفرع على ظاهر المذهب وهو ان السهو في النافلة يقتضي السجود كما في الفريضة وحكي قول أنه لا مدخل لسجود السهو في النافلة بحال هذا تمام الكلام في استقبال الراكب على السرج ونحوه: وأما كيفية اقامته الأركان فليس عليه وضع الجبهة على عرف الدابة ولا على السرج والاكاف لما فيه من المشقة وخوف الضرر من نزقات الدابة ولكن ينحني للركوع والسجود إلى الطريق ويجعل السجود أخفض من الركوع قال امام الحرمين والفصل بينهما عند التمكن محتوم والظاهر أنه لا يجب مع ذلك أن
(٢١٦)