الأحكام - الإمام يحيى بن الحسين - ج ٢ - الصفحة ٣٥
باب القول في المكاسب والتجارات والتشديد في الربا قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: لا بأس أن يتجر المسلم ليغني أهله وعياله عن ذل المسألة واستكانة الحاجة وتكون تجارته في أقل الأشياء لمنافع الظالمين الجورة الفاسقين، وفي أقلها ضررا عن المسلمين، ولا يجوز ولا يحل له أن يتجر في دهره هذا في شئ من السلاح ولا الكراع ولا العبيد ولا الإماء فان ذلك أكثر منافع للظالمين وأقوى قوة للفاسقين وليتجر في غير ذلك من الأشياء أقلها منفعة لهم وأبعدها من مرافقهم، ويستحب له إن أتجر في شي فاحتاج مما سمينا محتاج إلى شئ مما عنده أن يدفعه بعلة يتعلل بها عليه من إغلاء ثمن عليه أو غيره مما يدفعه به عن المبايعة له ولا يفعل ما يفعله فجرة التجار والخونة الأشرار من العمل لمنافعهم والايثار بذلك لهم دون غيرهم والتعمد لشراء ما يصلح لهم يطلبون بذلك ازديادا في الربح يسيرا ويستوجبون به من الله عذابا كبيرا.
قال يحيى بن الحسين رضي الله عنه: إني لأعرف تجارة لله درها من تجارة يربح تاجرها ويسر طالبها، ويوفق مشتريها، وينعم صاحبها، ويتملك من دخل فيها ويؤسر من آثرها، تجارة تنجي من عذاب أليم ولكن لا طالب لها فأذكرها، ولا راغب فيها فأشرحها، ولا مؤثر لها فأفسرها، وبلى وعسى فإن مع العسر يسرا أن مع العسر يسرا عسى الله أن يرتاح لدينه فيعز أولياؤه ويذل أعداؤه فإنه يقول عز وجل: * (عسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين) * (21) وفي ذلك ما يقول رسول رب العالمين صلى الله عليه وعلى

(٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 ... » »»
الفهرست