ومن تركنا ذكرهم ممن قد ترجم له أكثر ممن ذكرنا والمتتبع لكلام العلماء فيه وفي شأنه وعلمه وسجاعته وزهده ومكارم أخلاقه واقتفائه لأثر جده رسول الله صلى الله عليه وآله يجد الثناء الحسن والإشادة بفضائله التي لا تحصر.
لقد وقف الأئمة العلماء من أقواله موقف الاجلال والاحترام فها هو المؤيد بالله يقول: (كنا نهاب نصوص يحيى كما نهاب نصوص القرآن).
وقال المنصور بالله: (وقول يحيى بن الحسين ينقض بقوله لا بقول غيره إذ لا سلطان للغير عليه ولا سبيل له إليه) وهم لم يقولوا هذا إلا أنهم عرفوا منزلته العلمية التي لم تدركها الأوائل ولن تلحقه فيها الأواخر.
من الكلام المأثور عنه قوله: (يا أهل اليمن لكم علي ثلاث أن أحكم فيكم بكتاب الله وسنة رسول صلى الله عليه وآله وأن أقدمكم عند العطاء وأتقدمكم عند اللقاء، ولي عليكم النصح والطاعة ما أطعت الله).
(والله لان أطعتموني لا فقدتم من رسول الله إلا شخصه إن شاء الله).
(والله لوددت أن الله أصلح الاسلام بي وأن يدي معلقة بالثريا ثم أهوي إلى الأرض فلا أصل إلا قطعا).
هذه هي كلمات المصلحين الذين أخذوا على عاتقهم إصلاح أمر الأمة الاسلامية والعمل على رفعتها وعزتها والسير بها قدما على نهج الاسلام الصحيح لا تثنيهم الصعاب ولا تزعزعهم الأهوال حتى يتم لهم تحقيق ما جندوا أنفسهم له.
والإمام الهادي أعظم مصلح عرفه التاريخ اليمني فلقد بذل نفسه ودمه وماله في سبيل الدعاء إلى الله ورسوله وتطبيق الشريعة المطهرة ليعم الخير والصلاح حتى قضى نحبه شهيدا بالسم وهو في ثلاث وخمسين سنة ليلة الأحد لعشر بقين من ذي الحجة سنة ثمان وتسعين ومائتين ودفن يوم الاثنين في قبره الشريف المقابل لمحراب جامعه الذي أسسه بصعدة ولقد قبضه الله إليه وفي رجله أثر جراحة فانبعثت منها الرائحة التي خص الله بها الشهداء ولا تزال تلك الرائحة الزكية يفوح عبيرها إلى وقتنا الحاضر إكراما منه سبحانه وتعالى لهذا الإمام المجاهد الصابر.