- وكيف لا أخاف!
- أخائف أنت من الموت أم من الميت؟
وإذ كنت أخاف من الميت أكثر مما أخاف من الموت، قلت:
- من الميت.
لقد كان خوفا مرعبا ذاك الذي اعترفت به اليوم. فلم أكن قد شاهدت طيلة عمري شخصا يحتضر أو يموت. بل لم أكن قد سمعت قبل يومي هذا سردا عما ينبغي علي أن أفعله وأمامي من يحتضر أو يموت.
كنت قبل هذا اليوم حين أشاهد جنازة محمولة تنتابني حالة اكتئاب مضجر، وضيق موجع حتى لأحول بصري عنها لأقطع خيط الذاكرة من أن يسترسل.
- نعم أخاف من الميت.
قلتها مرة أخرى لأعيد تثبيت قناعتي.
- أتخاف من الميت أكثر مما تخاف الموت وما بعد الموت؟
قالها أبي وأضاف:
أتخاف ممن كان قبل لحظة موته حيا مثلك يأكل ويشرب، ويبكي ويضحك، ويتنزه ويحلم، وينام...، ثم.. ثم هجم عليه ما لو هجم على كل حي لصرعه.
لماذا لا تكون واقعيا أكثر، فتخاف الموت؟
أسألت نفسك أين ذهبت كل تلك الأمم السالفة وأجيالها المتعاقبة يوم (أصبحت مساكنهم أجداثا، وأموالهم ميراثا، لا يعرفون من