ذكر عدم الايمان مع نفى كونه قول شاعر وعدم التذكر في نفى كونه قول كاهن ان اسناده اليه بانه قول شاعر، يشعر بانه تخيل محض، دعويه باطل، فيناسب ردعهم بان هذا كلام من لا يؤمن الا قليلا مثل وجود الصانع وخلق السموات والارض وفي غير ذلك القليل معاندون ليس من شانهم التصديق والايمان بمالم يومنوا قبل الدعوة. وان اسناده اليه بانه قول كاهن، يشعر بانهم يعترفون في الجملة وينكرون في الجملة لكون كلامه ممزوجا عندهم بالصدق والكذب كقول الكاهن فقال تعالى " انه ليس بقول كاهن قليلا ما تذكرون " يعنى انهم قد علموا احوال الكهنة قبل البعثة واحوالهم بعدها فبسبب عدم تذكرهم لاحوالهم يسندون اليه ان قوله قول الكاهن.
اذا عرفت هذا، ظهر لك ان ما قيل هنا في وجه المناسبة ان عدم مشابهة القران للشعرا امر بين لا ينكره الا معاند. بخلاف مباينة الكهانه فانه يحتاج الى تذكر احوال الكهنة وتتبع اقوال الرسول ومعانى كلامه حتى تعرف الفرق فان القول بان المشركين العارفين بنظم الشعر واسلوبه كانوا ينكرون ما هو بديهى حتى يق: انهم يقولون ان كلامه من باب الكلام المنظوم، في غاية البعد. فظهر من ذلك عدم منافات الاخبار الواردة في ان المراد من الشعراء هم المغيرون لدين الله مؤكدا بان الشاعر لا يتبعه احد قط، فان الظاهر ان مرادهم عليهم السلام ان المراد من ذم الشعراء هنا ليس لاجل انه شاعر يجئ بالكلام الموزون بل المراد ان الشعراء من حيث [انه] يتبعهم الغاون وغرضهم من الاشعار هجو النبى (ص) وايذاء المسلمين وترويج طريقتهم الباطلة فهو تنبيه على ان مطلق الشعر لا يوجب الاغواء والغواية. بل قد يكون من باب المدح والثناء على الله واوليائه ومن باب هجاء الكفار من باب الدفاع والانتصار وبذلك يحصل الجمع بين ظاهر الاية والاخبار المفسرة لها.
ويمكن ان يق: ان المراد هنا من الشعراء من ياتى بالكلام الشعرى الذى لا اصل له منظوما كان ام لا فان المتابعة وعدم المتابعة انما هو مناسب للمعنى والمقصود لا اللفظ و يشهد بذلك ما نسبه المشركون اليه من كونه شاعرا مع ان القران ليس بموزون ولا مقفى.
فكيف يقولون انه شعر مع انهم عارفون بالشعر وعالمون بانه ليس من الشعر المصطلح وان