" ولما جمع رسول الله (ص) بالمدينة آمنا مقيما، لم يحتمل إلا أن يكون مخالفا لهذا الحديث (1) أو يكون الحال التي جمع فيها حالا غير الحال التي فرق فيها، فلم يجز أن يقال: جمعه في الحضر مخالف لإفراده في الحضر من وجهين أنه يوجد لكل منهما وجه، وأن الذي رواه منهما معا واحد وهو ابن عباس (2) فعلمنا أن لجمعه في الحضر علة فرقت بينه وبين إفراده، فلم يكن إلا المطر والله تعالى أعلم، إذ لم يكن خوف، ووجدنا في المطر علة المشقة، كما كان في الجمع في السفر علة المشقة العامة، فقلنا: إذا كانت العلة من مطر في حضر، جمع بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء " (3).
والذي نستفيده من قول الشافعي هذا هو أنه معترف بأن النبي (ص) جمع بين الصلاتين بالمدينة آمنا ومقيما، ولكنه رأى أن جمع النبي بين الصلاتين مخالف لإفراده، فرفعا لهذا الاختلاف أول أحاديث الجمع التي رواها ابن عباس (كما روى حديث التفريق) بأنه يقتضي وجود المطر، حيث يرى أن في المطر علة المشقة حسب نصه.