الجمع بين الصلاتين - عبد اللطيف البغدادي - الصفحة ١٧٣
" ولما جمع رسول الله (ص) بالمدينة آمنا مقيما، لم يحتمل إلا أن يكون مخالفا لهذا الحديث (1) أو يكون الحال التي جمع فيها حالا غير الحال التي فرق فيها، فلم يجز أن يقال: جمعه في الحضر مخالف لإفراده في الحضر من وجهين أنه يوجد لكل منهما وجه، وأن الذي رواه منهما معا واحد وهو ابن عباس (2) فعلمنا أن لجمعه في الحضر علة فرقت بينه وبين إفراده، فلم يكن إلا المطر والله تعالى أعلم، إذ لم يكن خوف، ووجدنا في المطر علة المشقة، كما كان في الجمع في السفر علة المشقة العامة، فقلنا: إذا كانت العلة من مطر في حضر، جمع بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء " (3).
والذي نستفيده من قول الشافعي هذا هو أنه معترف بأن النبي (ص) جمع بين الصلاتين بالمدينة آمنا ومقيما، ولكنه رأى أن جمع النبي بين الصلاتين مخالف لإفراده، فرفعا لهذا الاختلاف أول أحاديث الجمع التي رواها ابن عباس (كما روى حديث التفريق) بأنه يقتضي وجود المطر، حيث يرى أن في المطر علة المشقة حسب نصه.

(١) يعني بقوله: (لهذا الحديث) حديث ابن عباس، الذي ذكر فيه أوقات الصلوات التي جاء بها جبرئيل إلى النبي (ص) وإنها خمسة، وقد مر علينا حديثه هذا بنصه برقم (٢٩).
(٢) أحاديث الجمع بين الصلاتين لم يختص ابن عباس وحده بروايتها، بل رواها غيره أيضا من الصحابة كما ستعلم، وكذلك أحاديث التفريق.
(3) الأم للشافعي ج 1 / 65.
(١٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 166 167 170 171 172 173 174 175 176 177 178 ... » »»