النفس بهذا الاتجاه والابتعاد عن الأهل والزوجة والأطفال والوطن، وكبح جماح الشهوات والعادات والتقاليد، وإنفاق المال، وتذليل الصعوبات التي يعاني منها الحاج، والالتقاء بأفراد سيئ الأخلاق، والحوادث المتوقعة من هذا القبيل، هذا كل ما يلاقيه الحاج في سفره إلى بيت الله، فالحج واقعا رياضة النفس والطاعة المالية والعبادة البدنية، ولذا يمكن القول بأن للحج خاصية وفضيلة غير موجودتان في الصلاة، وقد أشير إليه بهذا المعنى في النصوص، فعن عمر بن يزيد (1) قال:
سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: حجة أفضل من سبعين رقبة لي، قلت ما يعدل الحج شئ قال: ما يعد له شئ والدرهم في الحج أفضل من ألف ألف فيما سواه في سبيل الله.
روي أن الحج أفضل من الصلاة والصيام لأن المصلي إنما يشتغل عن أهله ساعة وإن الصائم عن أهله بياض يوم، وإن الحاج يشخص بدنه ، ويضحي نفسه وينفق ويطيل الغيبة عن أهله لا في مال يرجوه ولا إلى التجارة (2) وفي الحديث (3) أما أنه ليس شئ أفضل من الحج إلا الصلاة، وفي الحج ههنا صلاة، وليس في الصلاة قبلكم حج والعقل والنقل متفقان بهذا المعنى إن أفضل الأعمال أضمرها، وإن الأجر على قدر المشقة (4) بل يستحب أن يتهيأ الانسان لزيارة البيت الحرام بشكل مكرر وأن يبعث عائلته إلى الديار المقدسة أيضا حتى لو كان تأمين مصاريف السفر عن طريق الاستدانة أو عن طريق التقليل من المصاريف اليومية (5).