فردوس الحكمة في الطب - إبن سهل الطبري - الصفحة ٣٠٨
الباب الثاني والعشرون في علل الغشي والعرق والقئ وعلاماتها وعلاجها، يكون الغشي من وجع شديد يصل ألمه إلى القلب ومن الامتلاء والخلاء ومن الحمى وكثرة العرق والاسهال وخروج الدم ومن خناق الرحم ومن الغم الشديد والغضب والخوف ومن القولنج وغيره فيرجع ألمه إلى القلب، فاما ما يكون من الامتلاء فان المعدة إذا أفرط امتلاؤها خنق لذلك حرارة القلب، وإذا خفت المعدة ضعفت حرارة القلب وانتشرت وغشي على الانسان، وذلك بمنزلة السراج إذا نفد دهنه أو أكثر الدهن جدا انطفأ لذلك، وان كثر الاسهال والنزف ضعفت الحرارة وحدث الغشي، وان انتقل البدن انتقالا بغتة من برد إلى حر ومن حر إلى برد اصابه ذلك لان البرد الفجأة تنسد به المجاري ويمتلئ البدن بذلك من البخارات فيحدث كرب وغم، واما الحر الفجأة فتيبس به الحرارة الغريزية ويضعف لذلك القلب، وعلة كثرة العرق ان البلغم والمرة إذا ما ذابا ورقا اندفعا إلى ظاهر البدن فيصير بعضه خارا وما كان أغلظ من البخار صار عرقا، فاما علة برد العرق فان تضعف الحرارة الغريزية عن تسخين ذلك أو تكثر المادة الباردة جدا فتضعف الحرارة عن تسخينها ويدل ذلك على طول المرض، وتدل حرارة العرق على سهولة المرض وسرعة انحلال المادة و قوة الحرارة، فاما علة القئ فان المعدة إذا خلى ما فيها وسخن جذب إليها فضولا كثيرة فتحركت الطبيعة حينئذ لاخراج تلك الفضول بالقئ، قال أبقراط ان العرق البارد في الأمراض الحادة علامة موت وان العرق البارد في الحميات القليلة الحرارة علامة طول المرض لان ذلك يدل على ضعف الحرارة الغريزية، وقال
(٣٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 303 304 305 306 307 308 309 310 311 312 313 ... » »»