المستشرقون والنسختان الاخرتان لم تزالا في حيز الخفاء حتى أبرزتهما من مكامنهما بعد الكد الشديد والعناء البالغ، فيجدر بي ان ابسط القول فيما حوت كل نسخة منها على ما يمتاز به محلها أو ينحط إزاء أخواتها فأقول:
نسخة آ هي أكمل النسخ الثلث الأول الكائنة بأوربا وأصحها قد احتوت ستا وسبعين ومأتي ورقة، اي اثنين وخمسين وخمس مائة صفحة، وحوت كل صفحة منها أحدا وعشرين سطرا وكل سطر يختلف عدد ألفاظه من احدى عشرة لفظة إلى ثماني عشرة لفظة وقرطاسها ضارب إلى الصفرة. وقد ضاعت منها بعض الأوراق بعد الورقة التاسعة عشرة وأيضا بعد الورقة الخامسة والأربعين بعد المأتين.
وقد وقع الخطاء في ترتيب أوراقها القريبة من الورقة التاسعة والستين وأيضا قد امحت أربعة أسطر من آخر الورقة الثانية والأربعين بعد المأتين. والاشكال الشطرنجية التي حوتها النسخة المطبوعة من الصفحة الواحدة بعد الستمائة إلى الصفحة العاشرة بعد الستمائة لا توجد الا في هذه النسخة.
اما خطها فمغربي وأظن انه للقرن السادس عشر من الميلاد وهو على أسلوب واحد لم يختلف دقة وغلظا الا في عناوين الأنواع والمقالات والأبواب فإنها كتبت جلية بمداد احمر. ولم تعدم مميزات الخط المغربي كما يتضح من أسلوب خطها فان للفاء فيها عن نقطة فوقانية نقطة تحتانية وللقاف عن النقطتين الفوقانيتين نقطة فوقانية. ولم تبرز فيها الهمزة كتابة في محل ما. وعلامة تمام الجملة فيها مد أو مدان، ولم تخل لفظة عجمية فيها الدال المهملة من نقطة فوقانية، وفي كتابة اللغات اليونانية روعي تلفظها غالبا فكتب