الباب الثامن في قانون العلاج ووجوهه العامية الكائنة، قال أبقراط ينبغي للطبيب أن لا يقدم على العلاج الا بعد معرفته الداء فإذا عرف العلة " معرفة شافية " (1) عالجها بضدها، ان كان المرض من حر برده، وان كان من برد سخنه، وان كان من من يبس رطبه، وان كان من رطوبة يبسه، وان كان من الامتلاء أفرغه وأخرجه، وان كان من افراغ كثرة ملاه بأغذية موافقة، وان كان من تعب ودع البدن، وان كان من خوف، أو حزن ادخل عليه السرور والأمن، كما صنع جالينوس بالرجل الذي خيل انه رأى غولا فتغير عقله، وقد ذكرت ذلك في باب جمعت فيه طرائف من نوادر الأطباء، قد ينبغي للطيب ان يعتني بابطال علة المرض أولا ثم يعالج حينئذ المرض وان يعرف أشياء أولها مزاج المريض ثم سنه وغذائه في حال صحته وما كان معتادا له من كد أو دعة، وان كان صانعا عرف صناعته في الماء هي أو بقرب النار وبلاده ومولده في وعور وسهول، أو في نجد وجبال، و في بدو أو في ريف، ويعرف حال والديه في الصحة والسقم، فان أوفق الأشياء لكل أحد ما يولد منه واعتاده بدنه، فان العادة طبيعة ثانية وان دودة السم ودودة الخل ان أخرجا عن السم والخل إلى السمن والعسل هلكتا، ولقد رأيت عدة من اهل البحرين والبطائخ قد مرضوا من الأطعمة الطيبة والمياه العذبة فلم ينفعهم العلاج حتى عادوا إلى اكل السمك والتمر وشرب الماء المتغير النتن، وإذا كان مزاج المريض مفرطا في الحر عولج بدواء قوي في البرد، و ان كانت علته من برد شديد عولج بدواء قوي الحرارة وكذلك
(١٢٩)