الباب الثاني في أنواع الأمراض العامية وعللها، وقد ينبغي لنا بعد ذكرنا أجناس الأمراض ان نذكر العلل التي تهيجها، ولها كلها سبع علل وأعمها تغير الهواء أو فساده، والثاني الامتلاء أو الخلاء أعني بذلك كثرة الأكل والشرب أو قلتهما، أو من كثرة النوم أو قلته، أو من الدعة الطويلة، أو من التعب الشديد، أو من آلام النفس مثل الخوف والحزن والغضب والسابع من جراح أو ضرب أو كسر، ومن هذه العلل تحدث أنواع العلل التي تقدم ذكرها، وقالوا ان علل الأمراض الباطنة أربعة، اما من مادة تكثر وتجتمع في الجوف أو من مادة لازعة حادة أو من ريح غليظة تحتبس في الجوف فلا تجد منفذا، واما من فساد يعرض في واحد من المزاجات الأربعة، فاما الأمراض الحادة فعلتها من المزاجين الخفيفين أعني الصفرا والدم، وعلل الأمراض المزمنة " الباردة " فمن المزاجين الثقيلين أعني السودا و البلغم، وانما يزمن ويطول المرض اما لكثرة المادة، أو لغلظ المادة، أو للزوجتها أو لسدد تمنعها من التحلل والانفشاش، فاما فاما الحادة من الأمراض فإنها تسرع في البدن لسرعة حركة الصفرا والدم الذين يشبهان النار والهواء، وربما كان المرض من تقدم فكرة الانسان فيه، وقد يكون من ايهام الرجل نفسه إياه، " فقد " (1) قال أبقراط ان الشيوخ أقل أمراضا من الشاب وان أمراض الشيوخ مزمنة ومعنى قوله هذا ان أخلاط الشيوخ باردة غليظة فهي أبطأ نضجا، وأخلاط الشاب حارة قوية فهي اما ان تنضج سريعا واما ان تقتل،
(١٢٣)