لأنكم كنتم عسيتم، وإذا كان كذلك فترك الإعلام أوسع لكم من الإعلام إن فرض فيه سعة أو واسع، أو فترك الإعلام لأجل ما قلته أوسع أو فتركه أوسع لأجل ما قلته، أو أوسع لذلك المفزع.
وحاصل هذه الأبيات الأربعة: أنهم سألوا النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أن ينصب خليفة لنفسه يفزعون إليه بعده، فقال لهم: إني أخاف أن تفارقوه وتخالفوا وصيتي فيه فترتدوا عن الدين، كما خالفت بنو إسرائيل وصية موسى صلوات عليه في أخيه هارون ففارقوه وعبدوا العجل، فترك الوصية ونصب الخليفة أوسع لكم وأني الآن لا يحضرني خبر يصدق هذا المقال، وإنما يحضرني مما يتضمن سؤال الأصحاب منه النص أخبار أذكر عدة منها:
فمنها: ما رواه أحمد بن حنبل في مسنده بإسناده عن أنس - يعني ابن مالك قال: قلنا لسلمان: سل النبي من وصيه؟ فقال له سلمان: يا رسول الله من وصيك؟ فقال: يا سلمان من كان وصي موسى؟ فقال: يوشع بن نون، قال: قال: وصيي ووارثي ومن يقضي ديني وينجز موعدي علي بن أبي طالب (1).
ومنها: ما رواه محمد بن جرير الطبري في كتاب «مناقب أهل البيت صلوات الله عليهم» بإسناده عن جابر بن عبد الله الأنصاري، عن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال: قلنا يوما: يا رسول الله من الخليفة بعدك حتى نعلمه؟ قال لي: يا سلمان ادخل علي أبا ذر والمقداد وأبا أيوب الأنصاري - وأم سلمة زوجة النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - من وراء الباب، ثم قال لنا: اشهدوا وافهموا عني أن علي بن أبي طالب وصيي ووارثي وقاضي ديني وعداتي، وهو الفاروق بين الحق والباطل