ديوان السيد حيدر الحلي - السيد حيدر الحلي - ج ١ - الصفحة ٦٤
وقال مهنئا الحاج محمد صالح كبه (214) في زواج ولده الحاج مصطفى كبه:
حيتك سارقة اللحاظ من الظبا * تجلو المدام فحي ناعمة الصبا جاءتك تبسم والبنان نقابها * فأرتك بدرا بالهلال تنقبا وكأنها هي حين زفت كأسها * شمس تزف من المدامة كوكبا عقدت على الوسط النطاق مفوفا * ولوت على الخصر الوشاح مذهبا أحبب إليك بها عشيقة مغرم * راض العواذل شوقه فتصعبا هي تلك لاعبة العشاء ومن لها * ألفت بنات الشوق قلبك ملعبا أمسيت منها ناعما بغريرة * بنسيم رياها تعطرت الصبا ونديمة لك لو تغنى باسمها * حجر (215) لرقصه غناها مطربا سكبت بكأس حديثها من لفظها * راحا ألذ من المدام وأعذبا وترنمت هزجا فأطرب لحنها * قمري ماشة الأراك فطربا فكأنما علمت بعرس المصطفى * فشدت غنا لابن الأراكة أطربا في ليلة طابت فساعة أنسها * لم تلق عمر الدهر منها أطيبا وفد السرور بها لمغنى أصيد * كرما يحيي الوافدين مرحبا شملت مسرته البرية كلها * إذ كان في كل النفوس محببا فكأن عرس المصطفى فيه الورى * كل محمد صالح أن يطربا قد عاد مغربها يهني شرقها * فيه ومشرقها يهني المغربا فرحوا وحق لهم به أن يفرحوا * من حيث أن الدهر فيه أغربا في الشيب جاء به سرورا لم يجئ * في مثله مذ كان مقتبل الصبا هو في الأنام صنيعة مشكورة * للدهر ما صحبوا لسانا معربا للكرخ ناعمة الهبوب تحملي * مني سلاما من نسيمك أطيبا وصلي إلى بيت قد انتجع الورى * منه جنابا بالمكارم معشبا بيت على (الزوراء) يقطر نعمة * فكأنه بالغيث كان مطنبا قولي إذا حييت فيه بالرضا * فسواك منه هيبة لن يقربا بشراك بسام العشي بفرحة * ضحكت بها الدنيا إليك تطربا وجلا عليك اليمن فيها طلعة * غراء ساطع (216) سعدها لن يغربا فاسعد بقرة ناظريك فقد غدا * في عرسه المجد المؤثل معجبا أمقيل من لبس الهجير تغربا * ومعرس السارين تنزع لغبا عجبا لهذا الدهر يصحب بخله * ولجود كفك ليس يبرح مصحبا ويرى جبينك كيف يشرق للندى * كرما ويغدو الوجه منه مقطبا أرحبت للأضياف دارة جفنة * من دارة القمر الوسيعة أرحبا وحملت عب بني الزمان ولو به * يعنى أبوهم لاستقالك متعبا وأما ومجدك خلفة لو لم يكن * للعالمين سجال جودك مشربا نزف اغترافهم البحار وبعدها * ترك اعتصارهم الغمائم خلبا فمتى تقوم بحارها وقطارها * لهم مقامك ما جرت وتصببا يفدي أناملك الرطيبة (217) معجب * في يبس أنملة بعذلك أسهبا لو مس وجه الأرض يبس بنانه * لرأيته حتى القيامة مجدبا عذبت مذاقة (لا) بفيه لبخله * وبفيك طعم (نعم) غدا مستعذبا فأزداد حتى في معيشة نفسه * ظيقا وللوفاد زدت ترحبا تسع الزمان بجود كفك باسما * ويضيق صدر الدهر منك مقطبا لورعت مهجة نفسه وزحمته * لفطرتها وحطمت منه المنكبا ولقد جريت إلى العلاء بهمة * لم ترض عالية المجرة مركبا حلقت حيث الطرف عنك مقصر * فصعدت حيث النجم عنك تصوبا شهدت قناة المجد أنك صدرها * وعدا أخيك غدا الأماجد أكعبا ما قمت يوم الفخر وحدك موكبا * إلا وقام به مثالك موكبا أصبحت منتسبا لغر أماجد * ودت لهم شهب السما أن تنسبا هم أيكة الشرف التي منها الورى * ثمر السماحة ما اجتنوه مرجبا (218) طابت أرومتها العريقة في العلى * وسقت مكارمها ثراها الطيبا وكفى بجودك وهو أعدل شاهد * يصف الذي من جودها قد غيبا ولقد تحققت اسم غادية الحيا * فوجدت معناه نداك الصيبا وأجلت فكري في اسم أنفاس الصبا * فإذا به خلق الرضا قد لقبا سيماء عزك في أسرة وجهه * لله أنت فهكذا من أنجبا زينت أفق الفخر منك بكوكب * ما كان أزهره بفخرك كوكبا فالشمس قد ودت وان هي أعقبت * قمر السماء نظيره أن تعقبا قد غاض فيض ابن الفرات لجوده * إذ كان أغزر من نداه وأعذبا لا تطر (كعبا) واطو (حاتم طيء) * وانشر مكارمه تجدها أغربا واترك له (معنا) على ما فيه من * كرم فمعن لو رآه تعجبا ودع (الخصيب) فلو تملك ملكه * الهادي لجاد به لفرد أتربا الجامع الحمد الذي لم يجتمع * والواهب الرفد الذي لن يوهبا خلقت أدر من السحائب كفه * بل أنشأت منها أعم وأخصبا هو خير من ضمت معاقد حبوة * وأخوه فخرا خير من عقد الحبا طلعا طلوع النيرين فما رأى * أفق المكارم مذ أنارا غيهبا فعلاهما في المجد أبعد مرتقى * ونداهما للوفد أقرب مطلبا أبقية الكرم الذين سواهم * لم يتخذ نهج المكارم مذهبا لا زلتم في نعمة ومسرة * ما دام ظهر الأرض يحمل كبكبا (219)

214 الحاج محمد صالح كبه. جد الأسرة العريقة العربية المحتد والتي تتفرع من ربيعة.
وبيت آل كبه من البيوت القديمة في بغداد يرجع إلى العهد العباسي. ولد في 1201 ه‍ ونشأ محبا للخير والعلم والأدب. وقد نال حظا وافرا منها. برع في كثير من الفنون غير أن مزاولته للتجارة وإدارته الواسعة لمساعدة العلم والعلماء وإنفاقه عشرات الألوف من الدنانير في هذا السبيل باعدا بينه وبين مواصلة الدراسة، وهذا الديوان كاف لان يعلمك منزلته ومكانته السامية. اشتهر في مختلف العواصم الشرقية. توفي ببغداد سنة 1287 ه‍ ودفن في النجف بمقبرته الخاصة، وآثاره العمرانية والاصلاحية باقية لليوم.
ذكره المؤرخ إبراهيم بن فصيح الحيدري في كتابه - عنوان المجد - المخطوط، وصاحب الديوان في كتابه - العقد المفصل -.
215 وفي نسخة: لو تغني باسمها حجرا.
216 وفي نسخة: طالع.
217 وفي نسخة: الرقيقة.
218 المرجب: الثمر يوضع حوله الشوك ليمتنع على الناس.
219 الكبكب: المجتمع الخلق.
(٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 ... » »»