أسرته لا أغالي إذا قلت إن العراق له نصيبه الأوفر في سجل الأدب العربي من صدر الاسلام حتى يومنا هذا، كما لا أغالي أيضا إذا قلت أن مدينة (الحلة) بلد الشاعر لها النصيب الأوفر من هذا النصيب، ولعلي في غنى عن الادلاء بالبرهان، غير أن ما جاء في كتابي (البابليات) الماثل للطبع والذي اقتطفته من كتابي الكبير (أدب العراق في القرون المظلمة) سيكشف عن سر هذا القول.
وإذا ما نظرنا مليا نجد ان مدينة (الحلة) الزاخرة بالأدباء في القرون الثلاثة الماضية قد استطال فيها بيت الشاعر واتضحت أسرته وضوحا غمر تأريخ الأدب في هذه المدينة، فقد أجتمع لهذا البيت ما لم يجتمع لغيره على الأكثر من أسباب وعوامل أدت إلى خلوده وانتشار صيته كما أن شاعرنا استطال من بين هذه الأسرة واحتل أسمى مقام فيها، فأتفق له ما لم يتفق لغيره في سير الأدباء، فتراه شاعرا وابن شاعر وابن أخي شاعر وحفيد شاعر وأبا لشاعر وعما لشاعر.
أما كونه ابن شاعرك فأبوه السيد سليمان الصغير شاعر مجيد سجلنا له شعرا كثيرا في كتابنا وهو من الشعر المقبول، ساجل فيه فريقا من شعراء عصره.
وأما كونه ابن أخي شاعر فعمه السيد مهدي السيد داود من أشهر مشاهير شعراء عصره وشيخ من شيوخ الأدب في عهده وديوانه المخطوط كاف لان يعرب عن مكانته السامية في صرح الأدب الرفيع.
وأما كونه حفيد شاعر فجده السيد سليمان الكبير من مؤسسي دولة الأدب في (الحلة) فقد نزلها في سنة 1175 ه وامتزج بأعلامها وساجل الأفذاذ منهم كالنحويين والشيخ أحمد بن حمد الله، والشيخ درويش بن علي الفقيه، ومحمد بن إسماعيل الشهير بابن الخلفة.
وأما كونه والد شاعر فابنه السيد حسين شاعر أديب أشترك في رثاء أبيه وساجل الأدباء من أخدانه، ونال مكانة مقبولة بين أخوانه الأدباء.
وأما كونه عم شاعر فابن أخيه الشاعر المفلق السيد عبد المطلب الحلي الذي شارك في بعث النهضة الأدبية، وديوانه حافل بالقصائد الوطنية ومحاربة الاستعمار الانكليزي بصرامة وقوة وعقيدة.
فهذه المصادفات لم تتفق إلا لافراد يعدون بالأصابع في تأريخ الأدب العربي وأسرته من أنبه الأسر الحلية وأعرفها في المجد والسؤدد والعلم والأدب، وقد انتشرت في كافة ربوع العراق ما بلغ عددها الآلاف، ومعظمهم أصبح يتولى شؤون الزراعة.