منزلته الاجتماعية تسالم الشيوخ والمعمرون بنقلهم على أن السيد حيدر كان من الشخصيات المرموقة ذات الحول والطول والشأن والرفعة، قد خلص من شائبة النقد، وترفع عن أن ينال بسوء، لما اتصف به من مزايا وصفات رفعته في عيون الاعلام من معاصريه، ولعل الذي لم يتوغل في دراسة عصره الاجتماعي لا يتصور خطورة صاحب الديوان وما حباه الله من حيثية ومكانة، فقد احترمه الزعيم الديني والسياسي والقبلي في آن واحد.
وأحبه الأعيان والوجوه لأنه من بيت عريق عتيد بالنسب والقدسية، فبالإضافة إلى ما تقدم من ذكر أسماء الشعراء من أسرته فان فيهم العلماء والأطباء والزهاد والناسكين، وهذا ما يبدو جليا لمن وقف على مكانته وتقديس الناس له.
ويكفي شاهد واحد هو احترام الزعيم الديني العام له إذ ذاك وهو الامام السيد ميرزا حسن الشيرازي فقد كان يستدعيه إلى سامراء ليستمع إلى شعره ويتلذذ بمجلسه وقصة واحدة تعطينا صورة سامية عن مقامه الرفيع أثبتها على عهدة العلامة المعاصر الشيخ محمد علي الأوردبادي فقد قال: حدثني الحجة السيد ميرزا علي أغا نجل الامام الشيرازي قال: عندما هنى السيد حيدر والدي بقصيدته الهمزية رأى أن يكرم الشاعر بعشرين (ليرة) فاستشار ابن عمه العلامة السيد ميرزا إسماعيل الشيرازي في ذلك فأبى وقال لابن عمه الامام: ما قولك في دعبل والكميت ومنزلتهما عند الإمام الصادق (ع) فهل هما أفضل أم السيد حيدر وهو ابن رسول الله؟ فقال أنه لافضل منهما، قال إذا يجب أن تكرمه بأقصى ما تشعر من أنواع التكريم، فلم يبق للامام الشيرازي دون أن صحب معه مائة ليرة وذهب لزيارته وعندما دخل عليه تناول يد شاعرنا فقبلها بعد امتناع شديد.
فهذا القصة لو لم يكن الرواة لها ثقات لامتنع السمع من قبولها لان الامام الشيرازي عرف سيرته القاصي والداني أن الملوك والسلاطين كانت تزوره وتخضع له احتراما لمقامه الديني.
وكان العلامة الكبير السيد مهدي القزويني يجلسه إلى جنبه ويقدم له اعجابه وإكباره وكان ناديه حافلا بالأدباء والشعراء والمعوزين لشعوره بمكانته وزعامته، وتراه إذا دخل ناديا أو محفلا يقوم له إجلالا كل من فيه سواء كان عالما أو حاكما أو وجيها، وكثيرا ما كان يتعهده الوالي مدحت باشا بالسؤال عن صحته والاستفسار عنها.