وقد يكن عندي أن تكون مبقاة في هذا الموضع على بابها من الاستفهام فكأنه قال: والله أعلم: هل أتى على الإنسان هذا.
فلابد في جوابه من نعم ملفوظا بها أو مقدرة أي: فكما أن ذلك كذلك فينبغي للإنسان أن) يحتقر نفسه.
وهذا كقولك لمن تريد الاحتجاج عليه: بالله هل سألتني فأعطيتك أم هل زرتني فأكرمتك أي: فكما أن ذلك كذلك فيجب أن تعرف حقي عليك.
ويوؤكد هذا قوله تعالى: إنا خلقنا الإنسان إلى هديناه السبيل أفلا تراه عز اسمه كيف عدد عليه أياديه وألطافه له.
فإن قلت: فما تصنع بقول الشاعر: أهل رأونا بسفح القف ذي الأكم ألا ترى إلى دخول همزة الاستفهام على هل ول كانت للاستفهام لم تلاق همزته لاستحالة اجتماع حرفين لمعنى واحد. وهذا يدل على خروجها عن الاستفهام إلى الخبر.
فالجواب أن هذا يمكن أن يقوله صاحب هذا المذهب. ومثله خروج همزة الاستفهام إلى التقرير.
ألا ترى أن التقرير ضرب من الخبر وذلك ضد الاستفهام. ويدل على أنه قد فارق الاستفهام امتناع النصب بالفاء في جوابه والجزم بغير الفاء.
ألا تراك لا تقول: ألست صاحبنا فنكرمك كما تقول: لست صاحبنا فنكرمك ولا تقول في التقرير: أأنت في الجيش أثبت اسمك كما تقول في الا ستفهام الصريح: أأنت في الجيش أثبت اسمك كما تقول: ما اسمك أذكرك أي: إن أعرفه أذكرك. ولأجل ما ذكرنا من حديث همزة التقرير ما صارت تنقل النفي إلى الإثبات والإثبات إلى النفي.
*