خزانة الأدب - البغدادي - ج ١٠ - الصفحة ٣٢٣
سيبويه في التقديم والتأخير فقال: والصائبون رفع على الابتداء وخبره محذوف والنية به التأخير عما في حيز إن من اسمها وخبرها كأنه قيل: إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى حكمهم كذا) وأنشد سيبويه شاهدا له:
* وإلا فاعلموا أنا وأنتم * بغاة ما بقينا في شقاق * أي: فاعلموا أنا بغاة وأنتم كذلك.
فإن قلت: هلا زعمت أن ارتفاعه للعطف على محل أن واسمها قلت: لا يصح ذلك قبل الفراغ من الخبر لا تقول: إن زيدا وعمرو منطلقان.
فإن قلت: لم لا يصح والنية به التأخير فكأنك قلت: إن زيدا منطلق وعمرو قلت: لأني إذا رفعته رفعته عطفا على محل إن واسمها والعامل في محلها هو الابتداء فيجب أن يكون هو العامل في الخبر لأن الابتداء ينتظم الجزأين في عمله كما تنتظمهما إن في عملها فلو رفعت الصابئون المنوي به التأخير بالابتداء وقد رفعت الخبر بأن لأعملت فيهما رافعين مختلفين.
فإن قلت: فقوله: والصابئون معطوف لا بد له من معطوف عليه فما هو قلت: هو مع خبره المحذوف جملة معطوفة على جملة قوله: إن الذين آمنوا إلخ ولا محل لها كما لا محل للتي عطفت عليها.
فإن قلت: ما التقديم والتأخير إلا لفائدة فما فائدة هذا التقديم قلت: فائدته التنبيه على أن الصابئين يتاب عليهم إن صح منهم الإيمان والعمل الصالح فما الظن بغيرهم وذلك أن الصابئين أبين هؤلاء المعدودين ضلالا وأشدهم غيا وما سموا صابئين إلا لأنهم صبؤوا عن الأديان كلها أي: خرجوا.
كما أن الشاعر قدم قوله: وأنتم تنبيها على أن المخاطبين أوغل في الوصف بالبغاة من قومه حيث عاجل به قبل الخبر الذي هو بغاة لئلا يدخل قومه في البغي قبلهم مع كونهم أوغل فيه منهم. وأثبت قدما. انتهى.
وكون هذا عند سيبويه من عطف الجمل لا من عطف المفردات هو صريح كلامه.
(٣٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 318 319 320 321 322 323 324 325 326 327 328 ... » »»