وقتل جعفر في قصاص اختلف في سببه على ثلاثة أقوال ثالثها: أنه كان يزور نساء من عقيل بن كعب وكانوا متجاورين هم وبنو الحارث.
فأخذته عقيل وكشفوا عورته وكتفوه وضربوه بالسياط ثم أقبلوا به إلى النسوة اللاتي كان يتحدث إليهن ليغيظوهن ويفضحوه عندهن فقال لهم: يا قوم لا تفعلوا فإن هذا الفعل مثلة) وأنا أحلف لكم أن لا أزور بيوتكم أبدا. فلم يقبلوا منه فقال لهم: حسبكم ما مضى ومنوا علي بالكف عني فإني أعده نعمة لكم لا أكفرها أبدا أو فاقتلوني وأريحوني فأكون رجلا آذى قومه في دارهم فقتلوه. فلم يفعلوا.
وجعلوا يكشفون عورته بين أيدي النساء ويضربونه ويغرون به سفهاءهم حتى شفوا أنفسهم منه ثم خلوا سبيله فلم تمض إلا أيام قليلة حتى عاد جعفر ومعه صاحبان له فدفع راحلته حتى أولجها البيوت ثم مضى.
فلما كان في نقرة من الرمل أناخ هو وصاحباه وكانت عقيل أقفى خلق الله لأثر فتبعوه حتى انتهوا إليه وليس معهم سلاح ولا عصا فوثب عليهم جعفر وصاحباه بالسيوف فقتلوا منهم رجلا وجرحوا آخر وافترقوا.
فاستعدت عليهم عقيل السري بن عبد الله الهاشمي عامل المنصور على مكة فأحضرهم وحبسهم وأقاد من الجارح ودافع عن جعفر وكان يحب أن يدرأ عنه الحد لخؤولة السفاح في بني الحارث ولأن أخت جعفر كانت تحت السري وكانت حظية عنده إلى أن قاموا عنده قسامة أنه قتل صاحبهم وتوعدوه بالخروج إلى أبي جعفر المنصور والتظلم إليه فحينئذ دعا جعفر وأقاد منه.
فلما خرج جعفر إلى القود انقطع شسع نعله فوقف فأصلحه فقال له رجل: ما يشغلك عن هذا ما أنت فيه فقال: