وكذلك قوله تعالى: من أنصاري إلى الله أي: مع الله. وأنت لا تقول: سرت إلى زيد أي: معه لكنه إنما جاء لما كان معناه: من ينضاف في نصرتي إلى الله إلى أن قال: ووجدت في اللغة من هذا الفن شيئا كثيرا لا يكاد يحاط به ولعله لو جمع أكثره لجاء كتابا ضخما. وقد عرفت طريقه فإذا مر بك شيء منه فتقبله وأنس به فإنه فصل من العربية لطيف حسن يدعو إلى الأنس بها والفقاهة فيها.) وفيه أيضا موضع يشهد على من أنكر أن يكون في اللغة لفظان بمعنى واحد حتى تكلف لذلك أن يوجد فرقا بين قعد وجلس وذراع وساعد.
ألا ترى أنه لما كان رفث بالمرأة بمعنى أفضى إليها جاز أن يتبع الرفث الحرف الذي بابه الإفضاء وهو إلى. وكذلك لما كان: هل لك في كذا. بمعنى أدعوك إليه جاز أن يقال: هل لك إلى أن تزكى كما يقال: أدعوك إلى أن تزكى. انتهى كلامه.
وقال ابن السيد البطليوسي في شرح أدب الكاتب عند باب دخول بعض الصفات مكان بعض: هذا الباب أجازه أكثر الكوفيين ومنع منه أكثر البصريين. وفي القولين جميعا نظر لأن من أجازه دون شرط لزمه أن يجيز: سرت إلى زيد وهو يريد: مع زيد. ثم مثل بنحو ما مثل به ابن جني وقال: وهذه المسائل لا يجيزها من يجيز إبدال الحروف. ومن منع من ذلك على الإطلاق لزمه أن يتعسف في التأويل لكثير مما ورد في هذا الباب لأن في هذا الباب أشياء كثيرة يتعذر تأويلها على غير وجه البدل ولا يمكن المنكرين لهذا أن يقولوا: