خزانة الأدب - البغدادي - ج ١٠ - الصفحة ١٣٨
على أن تبدي ضمن معنى تكشف في تعديته إلى المفعول الثاني ب عن وأما المفعول الأول فهو محذوف كما أشار إليه الشارح المحقق.
وإنما احتاج إلى التضمين لأن تبدي فعل متعد بنفسه إلى مفعول واحد تقول: أبداه إبداء أي: أظهره إظهارا. فلولا التضمين لكانت عن إما زائدة بالنسبة إلى تبدي وإما بمعنى الباء بالنسبة إلى تصد فإنه يقال: صد عنه بكذا وكلاهما خلاف الأصل.
وتكشف أيضا متعد بنفسه إلى مفعول واحد تقول: كشفته أي: أظهرته وأوضحته. وحقيقة الكشف رفع الساتر والحجاب. ويتعدى إلى المفعول الثاني ب عن.
وهذا البيت من باب التنازع. وأعمل ابن قتيبة الأول على مذهبه فعلق عن أسيل بتصد وجعل عن نائبة عن الباء لأن صد إنما يتعدى بالباء تقول: صد بوجهه عني.
ويرد عليه أنه يلزمه أن يقال: تصد وتبدي عنه عن أسيل لأنه إذا أعمل الأول في المفعول أضمر للثاني على المختار باتفاق من البصريين والكوفيين. فحذف معمول الثاني خلاف المختار.
فعلى قوله فيه إنابة حرف مكان حرف وحذف على غير المختار.
والشارح المحقق لما رأى ورود هذين الأمرين عدل إلى إعمال الثاني على مذهب البصريين بتضمينه معنى ما ذكر ففيه مخالفة للأصل من وجه واحد وهو أسهل من مخالفته من وجهين.
والجيد أن يكون أبدى هنا لازما يتعدى بعن كما قال ابن السيد في شرح أبيات أدب الكاتب إن أبدى يعدى بعن قال: لأنك تقول: أبديت عن الشيء كما قال سحيم يصف ثورا يحفر في أصل شجرة كناسا له:
* يثير ويبدي عن عروق كأنها * أعنة خراز جديدا وباليا *
(١٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 133 134 135 136 137 138 139 140 141 142 143 ... » »»