خزانة الأدب - البغدادي - ج ٨ - الصفحة ٤٢٠
لصاحبه: هل لك في وادي الحية فإنه ذو كلإ فقال أخوه: إني أخاف عليك الحية ألا ترى أن أحدا لم يهبط ذلك الوادي إلا أهلكته فقال: والله لأفعلن فهبط ذلك الوادي فرعى فيه إبله فبينا هو ذات يوم في آخر الإبل نائم إذ رفعت الحية رأسها فأبصرته فأتته فقتلته ثم دخلت جحرها وأبطأت الإبل على أخيه فعرف أنه قد هلك فقال: ما في الحياة بعد أخي خير ولأطلبن الحية ولأقتلنها أو لأتبعن أخي.
فهبط ذلك الوادي فطلب الحية ليقتلها فقالت له: ألست ترى أني قد قتلت أخاك فهل لك في الصلح فأدعك ترعى الوادي فتكون فيه وأعطيك ما بقيت دينارا يوما ويوما لا قال: أو فاعلة أنت قالت: نعم. قال: فإني أقبل. فحلف لها وأعطاها المواثيق لا يضرها وجعلت تعطيه ما ضمنت له فكثر ماله ونبتت إبله حتى صار من أحسن الناس حالا.
ثم إنه ذكر أخاه ذات يوم فدمعت عيناه وقال: كيف ينفعني العيش وأنا أنظر إلى قاتل أخي فعمد إلى فأس فأحدها ثم قعد فمرت به فتبعها وضربها فأخطأها ودخلت جحرها ووقعت الفأس فوق جحرها فأثرت فيه فلما رأت ما فعل قطعت عنه الدينار الذي كانت تعطيه.
فلما رأى ذلك تخوف شرها وندم فقال لها: هل لك أن نتواثق ونعود إلى ما كنا عليه فقالت: كيف أعاودك وهذا أثر فاسك وأنت ترى قبر أخيك وأنت فاجر لا تبالي بالعهد.
وكان حديث الحية والفأس من مشهور أمثال العرب.
قال أبو عبيدة: لما حج عبد الملك بن مروان أول حجة حجها في خلافته قدم المدينة فخطب فقال: يا أهل المدينة والله لا تحبوننا ولا نحبكم أبدا وأنتم
(٤٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 415 416 417 418 419 420 421 422 423 424 425 ... » »»