قال الزبير بن بكار: سألت عمي مصعبا ومحمد بن الضحاك ومحمد بن حسن عن شاعر قريش في الإسلام فكلهم قالوا: ابن قيس الرقيات.
وفي الأغاني أن ابن قيس الرقيان كان زبيري الهوى خرج مع مصعب بن الزبير على عبد الملك بن مروان فقاتل معه إلى أن قتل مصعب فخرج هاربا حتى دخل الكوفة فوقف على باب دار فرأته صاحبة الدار فعرفت أنه خائف فأدخلته علية وجاءت إليه بجميع ما يحتاجه فأقام عندها أكثر من حول وهي لا تسأله من هو ولا يسألها من هي وهي تسمع الجعل صباحا ومساء.
فبينا هو على تلك الحال وإذا بمنادي عبد الملك ينادي ببراءة الذمة ممن أصيب عنده: فأعلم المرأة أنه راحل فقالت: لا يروعك ما سمعت فإن هذا نداء شائع منذ نزلت بنا فإن أردت المقام فالرحب والسعة وإن أردت الانصراف فأعلمني. فقال لها: لا بد من الرحيل.
فلكا كان الليل رقت إليه وقالت: انزل إن شئت. فنزل وإذا راحلتان على إحداهما رحل والأخرى زاملة ومعهما عبدان ونفقة الطريق فقالت: العبدان لك مع الراحلتين.
فقال لها: من أنت فوالله ما رأيت أكرم منك قالت: أنا التي تقول فيها: المنسرح * عاد له من كثيرة الطرب * فعينه بالدموع تنسكب * وفي رواية الأصمعي أنها قالت له: ما فعلت بك ما فعلت لتكافئني فسأل عنها فقيل: كثيرة.
فذكرها في شعره.
ثم مضى حتى دخل مكة فأتى أهله ليلا فلما دخل عليهم بكوا وقالوا: ما خرج عنا طلبك) إلا في هذه الساعة فانج بنفسك. فأقام عندهم حتى أسحر ثم نهض ومعه العبدان حتى أتى المدينة.